إذا كان شارع شهار في قلب مدينة الطائف مرتبطاً في أذهان كثيرين وفي لسان حالهم ومقالهم بمصحته النفسية ذائعة الصيت، فهو في واقع الأمر شريان المدينة النابض، وعلامتها التجارية الجامعة لأفخر الماركات العالمية، وأكبر المطاعم المعروفة لدى سكان المصيف وزائريها. وشهار، لمن لم يسمع عن خبرها كانت أشبه بجنةٍ على الأرض، تفترشها مزارع غناء، يلثمها شجرها وتربتها غزير المطر. جمالٌ أخاذ اكتسى بأجمل ما تنبته الأرض، وسط جبالٍ تحيط بها إحاطة السوار بالمعصم. ولطالما نحت الشعراء ذكرياتهم ووسموها باسم «شهار»، وخلدوها بحناجر كبار المطربين، مثل محمد عبده وطلال مداح في رائعتي خالد الفيصل «حمام شهار»، و«لا تقول إن الليالي فرقتنا» وطارق عبدالحكيم في أغنيته «حبيبي في روابي شهار» وغيرها الكثير من أجمل القصائد والأغاني. وحول تسمية «شهار» ومكانتها التاريخية، يشير المؤرخ عيسى القصير إلى أن قرية «شهار» تعد من أقدم الأسماء والأماكن التاريخية منذ صدر الإسلام، «وذلك عندما أراد النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمون معه حصار الطائف بعد فراغه من غزوة «حنين»، في السنة الثامنة من الهجرة بعد الفتح، فجاء إلى الطائف ماراً بوادي «نخلة اليمانية»، ثم على «قرن»، ف «المليح»، ثم على «بحرة الرغاء» من «ليه»، ثم سلك من «ليه» على «نخب»، ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزل قريباً من حصن الطائف، فوقف هناك وأمر بإشهار الأسلحة، فسمي ذلك الموقع ب «إشهار» لشهر الأسلحة فيه». ويضيف: «كان يوجد في حي شهار قبل 50 عاماً مقهى ومنتزه جميل، وهو أول مقهى خارج نطاق العمران، يطل على منبسط من الأرض الفسيحة من الرمل والبطحاء الذهبية، وعلى وادي شهار بعد هطول المطر، فتنبعث منه أزكى العطور الطبيعية من الرياحين والأزهار العشبية». وينسب القصير هذا الموقع ل «آل المفتي»، وهم من أعيان الطائف، إذ كان لهم قصر وبستان يطل على هذه المواقع، ويحده من جهة الشرق منطقة «حوايا» الشهيرة ببئرها ذات الطعم الحلو، وبجواره يقع قصر «حوايا» قبل قرن من الزمن. وعن مكانة شهار حديثاً، يقول القصير: «يعتبر حي شهار حالياً من أرقى الأحياء في الطائف، إذ تحيط به الأسواق والمحال التجارية المتنوعة، والمناطق السكنية الفاخرة، حتى أصبح حي شهار من المواقع التجارية المهمة في المدينة، وتوجد بالقرب منه متنزهات عدة مثل: «الردف» الذي يمتاز بالصخور المترادفة يبعضها بعضاً، متنزه غدير البنات الذي كان في الأيام الخوالي متنزهاً مائياً تجري فيه المياه كأنها سيول متدفقة، والذي يوجد به الآن متنزه وحديقة حيوان، تعتبر الأولى على مستوى المملكة». ويمضي المؤرخ الطائفي في سرد ذكريات «شهار»، «منذ عقود عدة أنشئ مستشفيان في حي «شهار» في أرقى المواقع الصحية، وهما فريدان من نوعهما على مستوى المملكة في ذلك الحين، وكانا يطلان على المزارع والأراضي الخضراء والهواء النقي الصحي، الأول مستشفى الأمراض الصدرية وهو الأول و الوحيد من نوعه في المملكة، وافتتحه الملك سعود رحمه الله عام 1375، فيما كان الثاني للأمراض النفسية والمعروف باسم «مستشفى شهار»، وأنشئ في عام 1383». ويفخر أحمد الجعيد وهو مرشد سياحي، بمكانة «شارع شهار» السياحية في الطائف، فهو بمثابة «المحطة الأخيرة» يومياً للمتنزهين في المدينة، لاحتضانه الكثير من المطاعم العالمية، ولكونه يربط بين شارع أبي بكر الصديق الذي يقع برج قلب الطائف في آخره، و«منتزه الردف» الموجود في نهاية الشارع، ولارتباط الطريق المؤدي إلى «الشفا» ب «شارع شهار» لمن أراد أن يدخل إلى وسط مدينة الطائف.