جدد العاهل المغربي الملك محمد السادس التزام بلاده المضي قدماً في التعاون مع الأممالمتحدة للتوصل إلى حل لأزمة الصحراء، يستند إلى مرجعية الحكم الذاتي وخيار المفاوضات. وقال محمد السادس في خطاب وجهه أول من أمس، إلى الشعب المغربي في مناسبة الذكرى الخامسة عشر ل «عيد الجلوي»، إن «قضية الصحراء، هي قضية كل المغاربة، وأمانة في أعناقنا جميعاً». وأضاف: «عملنا على تحسين ظروف عيش المواطنين لا يعادله إلا حرصنا على ضمان أمنهم الروحي». إلا أنه رفض رهن مسار التنمية وإقرار النظام الجهوي الذي يفضي إلى منح صلاحيات واسعة للناخبين المحليين في تدبير شؤونهم، بانتظار الحل السياسي. وأعلن الملك المغربي عزم بلاده على تنفيذ النظام الجهوي الذي يبدأ من المحافظات الصحراوية. وقال: «لن نرهن مستقبل المنطقة، بل سنواصل تنميتها وتحديثها، عبر المضي قدماً في تفعيل النموذج التنموي لأقاليمنا الجنوبية، بما يقوم عليه من مقاربة تشاركية وحوكمة جيدة، ومن برامج متكاملة ومتعددة الأبعاد». وأوضح أن المغرب مقبل على إقامة الجهوية المتقدمة في كل مناطق المملكة، وفي مقدمها المحافظات الصحراوية، «بما تتيحه من احترام للخصوصيات الجهوية، ومن تدبير ديموقراطي من جانب سكان المنطقة لشؤونهم المحلية ضمن إطار المغرب الموحَّد». وتطرق العاهل المغربي إلى التأثير السلبي لإغلاق الحدود البرية بين المغرب والجزائر الذي دخل عامه العشرين وتداعياته على مستقبل العلاقات الثنائية بين البلدين وآفاق البناء المغاربي، فقال إنه يتلقى أسئلة كثيرة حول هذا الوضع الاستثنائي «وكان جوابي لهم دائماً، أن المغرب ما فتئ يدعو منذ أكثر من 6 سنوات، لإيجاد حل لهذا الوضع الغريب، إلا أن كل المبادرات المغربية الجادة، كانت تُقابَل بتعنت ورفض ممنهج». وعرض لأوضاع الاتحاد المغاربي، مجدداً التأكيد على إرادة بلاده في بناء اتحاد قوي، عماده علاقات ثنائية متينة، ومشاريع اقتصادية اندماجية. وزاد: «إننا نؤمن بأن الخلاف ليس قدراً محتوماً. وهو أمر طبيعي في كل التجمعات». أما على الصعيد العربي، فتحدث ملك المغرب عن الأوضاع المأسوية في العراق وسورية، وبعد أن دان العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، أكد أن «الوضع الكارثي الذي تشهده دول عربية عدة، يبعث على الحسرة والانشغال العميق». وأضاف: «الأزمة في كل من سورية والعراق، ليست إلا تجسيداً لهذا الوضع الخطير، الذي يجتازه العالم العربي، وتغذيه السياسات الإقصائية والصراعات المذهبية والطائفية، وهو ما يؤدي إلى مضاعفة حجم المأساة الإنسانية، التي يعانيها هذان الشعبان الشقيقان». وأكد أن الأمر «لا يتعلق بأزمة إقليمية وإنما بمستنقع خصب لقوى التطرف والإرهاب الأكثر عنفاً، والأكثر تهديداً لأمن بلداننا، بل للأمن والاستقرار عبر العالم». ووصف العاهل المغربي الخطة التي تنهجها بلاده في إعادة هيكلة الحقل الديني بأنها تهدف إلى ترسيخ قيم الوسطية والاعتدال والتسامح وإبعاد المساجد عن أي استخدام سياسي.