جدد العاهل المغربي محمد السادس إدانته القوية للعدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة، كما أدان الصراعات المذهبية والطائفية التي تقسم سورية والعراق، وأبدى اعتزازه بروابط الأخوة والتفاهم التي تجمعه بقادة دول مجلس التعاون الخليجي. وأكد العاهل المغربي، في خطابه أول أمس الأربعاء بمناسبة الذكرى الخامسة عشرة لتوليه الحكم، دعمه لجميع المبادرات الدولية البناءة، من أجل التوصل إلى سلام عادل ودائم، على أساس حل الدولتين، مذكرا بموقف المغرب الذي عبر عن تضامنه المطلق مع الشعب الفلسطيني وبادر إلى تقديم دعم مادي لضحايا هذا العدوان، وفتح المستشفيات أمام الجرحى والمصابين منهم. وذكّر العاهل المغربي، في الإطار نفسه، بالتوصيات القوية التي أصدرتها لجنة القدس، بمناسبة انعقاد دورتها العشرين، بمدينة مراكش، دعما لمفاوضات السلام، وحفاظا على الهوية الروحية والحضارية للقدس، من الانتهاكات الإسرائيلية اللامشروعة، مشيرا إلى أن هذه الدورة عرفت أيضا اعتماد الخطة الاستراتيجية الخماسية لعمل وكالة بيت مال القدس الشريف، لدعم القطاعات الحيوية، من خلال مشاريع مضبوطة في برمجتها ووسائل تمويلها. أما على المستوى العربي، فقد وصف العاهل المغربي الوضع الذي يعرفه عدد من دوله بالكارثي ويبعث على الحسرة والانشغال العميق، موضحا أن الأزمة بكل من سورية والعراق ليست إلا تجسيدا لهذا الوضع الخطير، الذي تغذيه السياسات الإقصائية والصراعات المذهبية والطائفية، وهو ما يؤدي إلى مضاعفة حجم المأساة الإنسانية، التي يعانيها هذان الشعبان الشقيقان. وأبرز أن الأمر لا يتعلق بأزمة جهوية فقط، وإنما بمستنقع خصب لقوى التطرف والإرهاب الأكثر عنفا، والأكثر تهديدا لأمن بلداننا، بل للأمن والاستقرار عبر العالم. وقال في هذا الصدد "ما أحوجنا اليوم، إلى منظمة عربية متكاملة ومندمجة اقتصاديا، وموحدة ومنسجمة سياسيا، تجعل من عالمنا العربي قطبا جيو-سياسيا وازنا في العلاقات الدولية، قادرا على الدفاع عن القضايا العربية المصيرية"، مبرزا أنه مما "يبعث على الاعتزاز، روابط الأخوة والتفاهم، التي تجمعنا بأشقائنا قادة دول مجلس التعاون الخليجي، والشراكة المتميزة التي تجمع بلداننا الشقيقة". وبخصوص موضوع الاتحاد المغربي، جدد العاهل المغربي إرادته الراسخة في بناء اتحاد مغاربي قوي عماده علاقات ثنائية متينة ومشاريع اقتصادية اندماجية. وقال في هذا الإطار "إننا نؤمن بأن الخلاف ليس قدرا محتوما، وهو أمر طبيعي في كل التجمعات. فالاتحاد الأوروبي مثلا، كان ولا يزال يعرف بعض الخلافات بين أعضائه، إلا أنها لا تصل حد القطيعة. غير أن ما يبعث على الأسف هو التمادي في الخلاف لتعطيل مسيرة الاتحاد المغاربي". واعتبر أنه مهما كان حجم هذا الخلاف، فإنه لا يبرر مثلا، استمرار إغلاق الحدود، مبرزا أن "الوضع بلغ حدا لا يفهمه ولا يقبله المواطن المغاربي". وأكد أن المغرب مافتئ يدعو، منذ أزيد من ست سنوات، لإيجاد حل لهذا الوضع الغريب، إلا أن كل المبادرات المغربية الجادة، تقابل بتعنت ورفض ممنهج، يسير ضد منطق التاريخ والشرعية، ويتنافى مع حقوق شعوبنا في التواصل الإنساني، والانفتاح الاقتصادي". وبخصوص الأوضاع الداخلية، قال العاهل المغربي إنه "من حقنا جميعا أن نتساءل: هل ما نراه من منجزات، ومن مظاهر التقدم، قد أثر بالشكل المطلوب والمباشر على ظروف عيش المغاربة؟ وهل المواطن المغربي، كيفما كان مستواه المادي والاجتماعي، وأينما كان، في القرية أو في المدينة، يشعر بتحسن ملموس في حياته اليومية، بفضل هذه الأوراش والإصلاحات ؟". وأضاف "إننا بطرح هذه التساؤلات، إنما نبحث دائما عن الفعالية والنجاعة، وعن أفضل السبل، ليستفيد جميع المغاربة من مختلف المنجزات، على حد سواء"، مشيرا إلى أن "التساؤل وإجراء هذه الوقفة مع الذات، لا يعني الشك أو التردد، أو عدم وضوح الرؤية. بل على العكس من ذلك، فطريقنا واضح، واختياراتنا مضبوطة. فنحن نعرف أنفسنا، ونعرف ماذا نريد، والى أين نسير". وذكر، في هذا الإطار، بالعديد من المنجزات المهمة التي تحققت في السنوات الأخيرة، ولاسيما على مستوى البنيات التحتية، داعيا في الآن نفسه إلى المزيد من العمل للرفع من المستوى المعيشي للشعب المغربي.