انتقد مسؤول مغربي بارز سعي شركات عالمية تعمل في المغرب، الى التأثير على المنفذين المحليين وممارسة سلوكيات مناقضة لمصالح السكان، أدت إلى بروز فساد مالي في بعض المناطق مثل مراكش وطنجة والدار البيضاء. وحذّر من اتساع نفوذ سلطة المال وتحولها الى «مجموعات ضغط نافذة في المؤسسات التمثيلية مثل البلديات والبرلمان». وأعلن مؤسس تيار «الأصالة والمعاصرة» فؤاد عالي الهمة (وزير داخلية سابق) في مؤتمر صحافي، ان «سلطة النفوذ المالي واقتصاد الريع باتت تهدد المؤسسات المنتخبة، وتجعلها رهينة شبكة المنتفعين على حساب المصالح الكبرى للسكان»، على غرار ما جرى في مراكش أول أمس، من محاولة إسقاط عمدة المدينة فاطمة الزهراء المنصوري لعدم امتثالها لطلب المسؤولين المحليين (حاكم الإقليم)، في شأن رخص التعمير والبناء. وتقدّر الاستثمارات المدرجة أو قيد الإنجاز في مراكش بنحو 20 بليون دولار، تنفذها مجموعات مالية واقتصادية عملاقة مغربية وأجنبية وعربية، تنشط في قطاعات السياحة الدولية والعقار الراقي والترفيه والمطاعم. وحققت المدينة في السنوات الأخيرة معدل استثمار يقدر ببليوني دولار سنوياً، وهي اكثر جذباً للسياح والمستثمرين في مجموعة شمال افريقيا. وعلى رغم الأزمة العالمية ما زالت رياضها (فيلات قديمة مرممة) تعرض بأسعار تتراوح بين 500 الف ومليون دولار. وتثير المدينة شهية السياح الباحثين عن الدفء والرفاه، والمستثمرين الساعين إلى الربح السريع في زمن انكماش الطلب العالمي على العقار الراقي، حيث يتجاوز المتر المربع ثلاثة آلاف دولار في مناطق راقية من المدينة. ولفت منتمون الى «الأصالة والمعاصرة» الفائز في الانتخابات البلدية، إلى أنهم رصدوا تواطؤاً بين بعض الشركات الكبرى ومسؤولين محليين ترتب عنها نسج «علاقات قوية ومصالح متبادلة»، يعاقب عليها القانون وتتعارض مع مبادئ الحوكمة الجيدة والشفافية المطلوبة في مجال الأعمال والاستثمار. واعتبر أن الأمر يتعلق بأموال ضخمة واستثمارات كبيرة يجب حمايتها وإيضاح الرؤية في شأنها. وأشار المصدر في حديث الى «الحياة»، إلى أن الأزمة العالمية لم تؤثر في الشركات الدولية العاملة في المغرب بسبب أرباحها الكبيرة، والتسهيلات المختلفة التي تحصل عليها من بعض المنتخبين والمسؤولين المحليين، بل ساهمت هذه الأرباح في إنقاذ المؤسسات الأم في الخارج، في إشارة ضمنية الى «مجموعة فيفاندي» الفرنسية التي تدير خدمات الماء والكهرباء والصرف الصحي في عدد من المدن المغربية تمتد 30 سنة. وكانت الرباط تعاقدت على مثل هذه الصيغ في نهاية القرن الماضي في شكل اعتُبر «متسرعاً»، وكشف المسؤول عن نية لإعادة النظر في هذه العقود التي لا تتناسب مع مصالح السكان، وتميل الى ترجيح أهداف هذه الشركات. وكانت «فيفاندي» حوّلت نحو نصف بليون يورو من أرباحها في المغرب العام الماضي على رغم الأزمة العالمية. وأعلنت مصادر مالية أن خروج رؤوس الأموال نتيجة الأرباح المحققة في المغرب تفوق تلك المتدفقة إليه. يُذكر ان أزمة الاقتصاد والمال العالمية قلّصت الاستثمارات الأجنبية نحو 28 في المئة في النصف الأول من هذه السنة، وقُدّر معدلها ب 4.5 بليون دولار قبل سنتين.