نحن مجتمع مختلف، المحال والشوارع تعمل حتى منتصف الليل، يخيل إلي أننا لا نتوقف طيلة الليل والنهار، فكيف نريد انتظاماً يساعد أبناءنا في العمل في المحال وقطاع التجزئة والمهن التي تقدم السلع والخدمات للجمهور، هذه قناعة لدي ولدى كثيرين سمعتها منهم أعيد التذكير بها بمناسبة تشكيل لجان جديدة! الخبر يقول «شرعت أربع جهات حكومية وخاصة ممثلة في لجان تضم وزارتي الداخلية والعمل والغرف التجارية وصندوق الموارد البشرية، في تغيير توقيت عمل الأسواق والمولات التجارية في السعودية بتحديد عمل الأسواق إلى 8 ساعات متواصلة يتخللها ساعة راحة بهدف سعودة الوظائف، وتوفير فرص ضخمة للتوظيف من الجنسين. وأوضح عضو لجنة التجزئة في الغرفة التجارية لمدينة جدة والرياض عبدالله أحمد الأحمد أن تحديد العمل لفترة واحدة جاء متلازماً مع قرار وزارة العمل بتأنيث المحال النسائية، إذ بينت الدراسات الصادرة من وزارة العمل والغرف التجارية أن 1,5 في المئة هي نسبة السعوديين من الجنسين العاملين في القطاع، أي ما مجموعه 50 ألفاً من 1.4 مليون مقيم». لا يمكن أن نستمر هكذا تعمل محالنا من الصباح حتى منتصف الليل، ولولا أن النظام يمنع فتح المحال بعد منتصف الليل لواصلوا الليل بالنهار، وهذا سببه الرئيسي سيطرة العمالة الوافدة، السيطرة الآتية من التستر على غالب الأنشطة الصغيرة. كان التجار ممن يعملون وأبناءهم في محالهم يقفلون مع صلاة العشاء، وشيئاً فشيئاً ومع استخدامهم للعمالة بدأ يتمدد الوقت، فهل هو تخطيط منهم لتصعيب عودة الناس للعمل في محالهم لأن ظرفهم الاجتماعي لا يسمح لهم بكل هذا الوقت، أم أنه طمع من التجار أنفسهم، أم هو كسلنا نحن المتسوقين والمشترين الذين يمارسون الشراء كل يوم، وفي أي وقت من اليوم، بطريقة عشوائية، أو فلنقل بطريقة جعلت الذهاب إلى كثير من المحال جزءاً من الترفيه. تأملوا منظر المدينة، إنها تقريباً لا تتوقف، وكأن سكانها أقسموا على الوقت ليقتلونه، وهذا ما يجعلنا في طاحونة تطحن الصحة والأعصاب والمزاج، وربما هي سبب الهروب النفسي الكبير للعائلات إلى الأسواق، وللرجال إلى الاستراحات، وللتوثيق فمصطلح العائلات في قاموس المجتمع يعني النساء والأطفال. الحديث متصل ودائم عن البطالة، عن أفواج تتخرج في مراحل مختلفة، أو ربما هي لا تتخرج إلا في مدرسة الحياة ورحم العائلة لأي ظرف كان، ونحن عالجنا نسبياً قضايا القبول، بتوسعة الجامعات، وببرامج الابتعاث، لكن لن يكون أبناؤنا كلهم جامعيين، والأهم لن يستمر المجتمع السعودي كمجتمع موظفين، صغروا أو كبروا، فلا بد أن يأتي الزمن الذي سيشاركون ضيوفنا الكعكة الكبيرة، وأقول يشاركون وليس يستردون لأنها سمة كل الاقتصادات المفتوحة والغنية. لا يحتاج الأمر إلى لجان، فقط يحتاج إلى قرار تصدره وزارة العمل وتراقب تطبيقه وزارة الداخلية، ودمتم. [email protected]