دمشق، بيروت، لندن - «الحياة»، أ ف ب، رويترز - أعلن ناشطون ومنظمات حقوقية وإنسانية في سورية «موت الهدنة»، وذلك بعد 24 ساعة من قصف عنيف وإطلاق رصاص على حماة وريف دمشق ودير الزور أدى الى سقوط المئات بين قتيل وجريح. وكانت أسوأ الهجمات في حماة، حيث قتل ما بين 50 ألى 70 شخصاً في حي مشاع الطيران، وذلك وسط تبادل للاتهامات بين السلطات والمعارضة حول المسؤولية عن التفجير، الذي من بين ضحاياه 13 طفلاً و16 امرأة، وفق الهيئة العامة للثورة السورية، التي قالت إن صاروخاً سقط على الحي وأحدث انفجاراً ضخماً أدى لتهدم أكثر من خمسة عشر منزلاً على رؤوس ساكنيها. وفيما اتهمت الحكومة السورية ما أسمته ب «مجموعات إرهابية» بصنع قنابل كانت «وراء انفجار» وقع في مبنى وأسفر عن سقوط 16 قتيلاً في مدينة حماة، قالت لجان التنسيق المحلية التي تنشط على الارض، إن صاروخاً أطلقه الجيش السوري هو سبب الانفجار، وذكرت أن عدد الضحايا بلغ أكثر من 50 قتيلاً. فيما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بعدد مماثل للقتلى، لكنه قال إن سبب الانفجار الذي وقع في ساعة متأخرة اول من امس «ليس واضحاً». من ناحيتها، تحدثت الشبكة السورية لحقوق الانسان عن سقوط نحو 70 قتيلاً في الحي بعد انتشال قتلى من بين الأنقاض. وأفادت لجان التنسيق المحلية بسماع أصوات إطلاق نار وانفجارات ليلاً في عدد من أحياء المدينة بعد القصف على حي مشاع الطيران رغم وجود مراقبين اثنين في المدينة. وقال عضو المكتب الإعلامي للثورة في حماة أبو غازي الحموي: «استيقظت مدينة حماة على هدوء في ظل انتشار أمني كثيف، بعد المجزرة المروعة التي حدثت امس في حي مشاع الطيران». وتابع الحموي أن القوات النظامية قصفت «الحي الشعبي» قرابة الساعة السادسة والربع مساء (15.15 ت غ)، «ما أسفر عن تهدم عدد من المباني». وأشار الى «وجود عدد كبير من الأشخاص تحت الأنقاض». وعرض التلفزيون الحكومي السوري أربع جثث مما قال إنه انفجار حماة، وكذلك لقطات لعدد من الأطفال المصابين بجروح بالغة وهم يعالجون في مستشفى ميداني. وتمنع الحكومة السورية أغلب وسائل الإعلام المستقلة من دخول البلاد، مما يجعل من الصعب التحقق من الأحداث التي تجري هناك. وأظهرت مقاطع على موقع «أوغاريت» السوري المعارض لقطات فيديو لرجل من الحي اسمه الحاج مصطفى برغل يبكي قائلاً إن عائلته قتلت في القصف، بينهم 13 امرأة. وفيما كان السكان يحاولون تهدئته وسط الركام، صرخ أن الحفرة التي نتجت عن القصف «كانت في حجم المنزل»، قبل أن ينهار على الأرض. وأعلن موقع «شام نيوز» يوم أمس يوم حداد على ضحايا حماة. وباتت حماة في الايام الاخيرة مركزاً لعمليات الجيش، بسبب انتشار التظاهرات فيها وفرار عدد من السكان إليها هرباً من مناطق اخرى، مثل حمص وإدلب. وقال ناشطون وسكان إن الانفجار والعدد الكبير من القتلى يشكل «ضربة أخرى» موجعة للهدنة السارية منذ اسبوعين، والمدعومة من الأممالمتحدة، والتي لم تسفر عن وقف العنف لكنها قللت نوعاً ما من كثافته مقارنة بمستوياته السابقة. وجاء القصف على حماة على الرغم من ان هناك مراقبين يقيمان بشكل دائم في المدينة بعد اطلاق نار كثيف على المدنيين ادى الى مقتل ما لا يقل عن 30 شخصاً يوم الإثنين الماضي. واتهمت تنظيمات حقوقية سورية قوات الامن ب «عمليات إعدام ميدانية» في الشوارع ضد الناشطين الذين التقوا مع المراقبين الدوليين في المدينة. إلى ذلك، نفذت القوات السورية النظامية امس عمليات عسكرية وأمنية في عدد من المناطق السورية أسفرت عن مقتل نحو 20 شخصاً. ففي ريف دمشق، دارت اشتباكات بين القوات النظامية ومنشقين في بلدة زملكا أسفرت عن مقتل مدنيين وعسكري منشق، كما دارت اشتباكات في عين ترما استخدمت فيها القوات النظامية الرشاشات الثقيلة وقذائف الهاون، وفق المرصد. واقتحمت قوات الامن في ساعات الصباح الاولى مناطق في مدينتي حرستا ودوما، وشنت حملة اعتقالات ومداهمات، وفق لجان التنسيق المحلية. وقال عضو الهيئة العامة للثورة السورية في ريف دمشق احمد الخطيب، في اتصال عبر سكايب مع فرانس برس، إن مدينة دوما «تتعرض لليوم الرابع على التوالي لنيران القوات النظامية ... في ظل اغلاق المدينة بشكل كامل منذ الصباح ومنع الدخول والخروج منها وقطع كامل للاتصالات والانترنت والكهرباء عن معظم مناطقها منذ ثلاثة ايام». وأضاف: «إن اهالي دوما يوجهون نداء للجنة الدولية للقدوم اليها وترك بعض المراقبين فيها لتشكل لهم نوعاً من الحماية» من القوات النظامية. وقال الخطيب إن «العمليات العسكرية مستمرة ايضاً في حرستا ولكن بوتيرة أقل من دوما»، مشيراً الى ان «نيران النظام تستهدف المنطقة بين برزة وحرستا» التي تبعد حوالى عشرة كيلومترات عن مركز العاصمة. وواصلت قوات الامن حملات المداهمة التي «رافقها تخريب للمنازل والمحال التجارية ومحاصرة المشافي»، ما أسفر عن سقوط عدد من الجرحى، بحسب لجان التنسيق المحلية. وقالت امراة زارت بلدة دوما، إن البلدة التي توجد بها أغلبية معارضة تتعرض لقصف مستمر ولا يوجد بها ماء أو كهرباء أو شبكة للهاتف المحمول. وقالت المرأة لرويترز في لبنان: «كان يوجد قصف طوال الليل. بالمدفعية والدبابات. لم نتمكن من النوم على الإطلاق ولا للحظة واحدة». وأضافت: «معظم السكان نزلوا ليقيموا بالطابق الاول لأن غالبية الطوابق الثاني والثالث أصيبت». وقال ناشطون إن قصف الجيش النظامي لدوما توقف قبيل وصول المراقبين. وقال الناطق باسم المراقبين الدوليين نيراج سينغ، في تصريح للصحفيين بعد عودة الفريق من منطقة دوما: «لقد أمضى فريق المراقبين مهمته بمدينة دوما على مرحلتين، لأننا وجدنا حاجة لوجودنا هناك للحد والتخفيف من التصعيد ومحاولين فض الاشتباك». وأضاف: «قمنا بتسيير دوريات هناك وبمساعدة الأشخاص الذين كنا على اتصال معهم، وبعد أربع ساعات قضاها الفريق هناك لمس قائد المجموعة ارتياحاً حيال الوضع، ثم غادرنا المنطقة وعدنا إليها لاحقاً». كما سُمع إطلاق نار كثيف ليلاً بمخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين جنوبدمشق. وفي حلب (شمال)، قتل مواطنان في بلدة مارع إثر اطلاق النار عليهما من قبل مسلحين موالين للنظام، وفقاً للمرصد. وقال الناطق باسم اتحاد تنسيقيات حلب محمد الحلبي، إن «الحملة العسكرية للقوات النظامية تجددت قبل يومين على مناطق في ريف حلب الشمالي منها اعزاز وتركمان بارح ومارع ودير جمال بعدما كانت توقفت اثر اعلان وقف اطلاق النار». وأضاف: «في هذه الاثناء تشهد مدينة حلب حملة اعتقالات لم يسبق لها مثيل اسفرت عن توقيف العشرات من الاشخاص بغية اخماد الحراك الشعبي، وذلك في ظل عدم توقف التظاهرات الطلابية صباحاً وتظاهرات الأحياء مساءً، والتي باتت قوات الامن تواجهها بشكل مستمر بإطلاق النار». وقال المرصد السوري إن أربعة أشخاص قتلوا عندما فتحت قوات الأمن النار على حافلة عند نقطة تفتيش على الطريق الرئيسي من حلب الى العاصمة. وفي محافظة دير الزور (شرق)، قتل 4 مواطنين إثر اطلاق نار من رشاشات ثقيلة وسقوط قذائف هاون على قرية موحسن من قبل القوات النظامية التي تحاول اقتحامها، بحسب المرصد. وأكدت الهيئة العامة للثورة السورية، أن عدة أحياء وبلدات في دير الزور تتعرض لعمليات اقتحام وقصف مدفعي وصاروخي بالدبابات والمروحيات، ما أدى إلى تدمير عدة منازل وسقوط قتلى وجرحى. وشهدت مناطق في درعا (جنوب) انتشاراً أمنياً كثيفاً فيما سمعت أصوات إطلاق نار كثيف من الرشاشات الثقيلة في مدينة داعل، وفقاً للجان التنسيق. وكان المرصد أفاد أن رجلاً مسنّاً قتل في قتال عنيف في درعا. ويشعر نشطاء سوريون باستياء من المعدل الذي يجري به إرسال مراقبي الأممالمتحدة، خاصة بعد أن قال مسؤول كبير في المنظمة الدولية هذا الأسبوع، إن إرسال أول مئة مراقب إلى سورية سيستغرق شهراً. ولم يصل إلى سورية حتى الآن سوى 15 مراقباً من جملة 300 مراقب بقيادة الجنرال النرويجي روبرت مود. ويبرز قتل متطوع في منظمة الهلال الأحمر العربي السوري يوم الثلاثاء المخاطر التي ربما يواجهها المراقبون. وقالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، إن ثلاثة من عمال الإغاثة أصيبوا عندما تم إطلاق النار على سيارة الإسعاف التي كانت تقلهم وكانت تحمل علامات واضحة قرب دمشق. واتهمت الوكالة العربية السورية للأنباء «مجموعة إرهابية» بشن الهجوم. ويتمتع الجنرال مود بخبرة طويلة في عمليات السلام في الشرق الاوسط، فبين 2009 و2011 تولى قيادة بعثة الاممالمتحدة لمراقبة الهدنة في الشرق الاوسط. وخدم مرتين في اطار قوة الحلف الاطلسي في كوسوفو قبل ان يصبح رئيس اركان الجيش النروجي في 2005. وفي مقابلة أجرتها معه اخيراً وكالة الانباء النروجية، اشار الى «هوة من الشكوك والعنف تفصل بين النظام السوري والمعارضة». ويفترض ان يباشر مهمته مع نهاية الاسبوع المقبل. والتقط هاو فيلماً لمجموعات صغيرة من المراقبين الذين يرتدون البيريهات الزرقاء والسترات الواقية من الرصاص، الزي المميز للامم المتحدة، وهم يلتقون معارضين وسكان ضواحٍ قصفت في بلدات ومدن في انحاء البلاد. وفي محاكاة ساخرة لمراقبي الاممالمتحدة ظهر بعض السوريين في الفيلم وهم يرتدون ازياء زرقاء ونظارات سوداء ووضعوا مناديل ورقية في آذانهم وهم يتظاهرون بأنهم لا يرون ولا يسمعون اي شيء غير موات. وتساءل مصعب الحمادي وهو من السكان المعارضين في محافظة حماة: «بعد شهر سيكون لدينا ربما 1000 أو 2000 شخص قتلوا، إنه أمر مثير للسخرية. كيف يراقب المجتمع الدولي دون التحرك بسرعة».