«كم مرّة يجب أن أقول لا، كي تُفهم انها لا!» تقول «فاطمة»، الفتاة التي اغتُصبت وزُوِّجت لواحد من مغتصبيها. جملة تتكرّر في الإعلان الترويجي للمسلسل التركي المدبلج الناجح الذي تعرضه «ام بي سي4». وهي تجوز أيضاً في الترويج للحملة المستمرّة لوقف العنف ضد المرأة اللبنانية، وسنّ القوانين التي تحميها. تعيش مع بطلة المسلسل آلامها النفسيّة المتجدّدة كلّ يوم، بعدما سُلّمت الضحيّة الى أحد جلاديها لستر الفضيحة، ووقف الملاحقة القانونية في حقّه. فُرض عليها العيش مع مجرم يذكّرها بوجعها مع كلّ طلعة شمس، فكيف الشفاء؟... كأن الوقت توقّف لحظة اغتصابها، فباتت كلّ حياتها تدور وتدور في فلك الحادثة وأبطالها، حتى الغثيان. ولا حياة خارج هذه الدوّامة المذلّة. تقول الناشطة في جمعية «نسوية» نادين معوّض، تعليقاً على رفض مشروع قانون حماية المرأة اللبنانية من العنف الزوجي: «لا شكّ في ان الدولة لا تفهم تماماً ما هو الاغتصاب!» عندما ترفض إقرار قانون يحمي المرأة من معنّفها، هذا يعني أنك تعطي الأخير الضوء الأخضر للاستمرار في تعنيفها وضربها واستباحتها. أيّ نصّ قانوني هذا (المادة 522 من القانون اللبناني، المعدّلة عام 1948 تنصّ على انه في حال أُبرِم عقد زواج صحيح بين مرتكب إحدى الجرائم المتعلقة بالاغتصاب والمعتدى عليها، أوقفت الملاحقة في حقّه، وإذا كان صدر الحكم في القضية علِّق تنفيذ العقاب الذي فُرِض عليه) الذي لم يلحظ المرأة ككيان له الحقّ في ملاحقة المجرم قانونياً، وله كامل الإرادة لطيّ صفحة الألم وفتح صفحة جديدة ناصعة ليست فيها لوثة الذكرى؟ في بلادنا العربية أيّها السادة، اغتصاب الزوج لزوجته مقبول. في بلادنا، التحرّش الكلامي والنفسي وحتى باللمس لا يعتبر تحرّشاً جنسياً، ما دام لم يصل الى الاغتصاب أو الأذى الجسدي البالغ. وتعتبر المرأة التي تشكو مغتصِبها أو المتحرّش بها، ساقطة، وتُدان كأنها المسؤولة عن إجرامه وفقدانه الحس الإنساني، فيعاقبها المجتمع برذلها وإدانتها. إنه عنف ممنهج يمارسه المجتمع والسلطات في حقّ المرأة المعنّفة، والمطلوب أن نقول لا، وبصوت عالٍ... أعلى! كي يسمع المسؤولون ويتفاعلوا، ويفعلوا! أريد ل «فاطمة» القروية البسيطة أن تعلّمنا كيف نقول لا، كي تُفهم انها لا، مرّة واحدة، والى الأبد!