عيش الأزمة يتبعها النقمة وتسبقها السبة. فرغم سيرنا لا زلنا نُراوح مكاننا رغم تعاقب الليل والنهار والكر والفر. تبقى يا ابن أمتي مطلوباً على كل المحاور... مصلوباً في كل الدوائر فلا تُناور وغادر. منذ النكبة وحتى النكسة والجرح يكبر فينا حتى ولد انتفاضة من الجراح والآلام. مدان وإن كنت بريئاً. إنها آخر صرعات المخابرات الإسرائيلية التي تعرف أحوالك أيها العربي... متى تأكل وكيف تأكل وماذا تأكل. وإن كنت تنام متى تنام وكيف تنام. لكنها لم تدرِ كيف تكون الحرب في لبنان وكيف عدوهم خطط ودبر وهل بات في الأحياء من أسر وكيف تكون المرحلة القادمة. أسئلة كثيرة طرحت لكن أجهزة المخابرات الإسرائيلية لم تجد لها عنواناً أو حتى جواباً... فكنتم يا أبناء شعبي متنفساً لتغطية الفشل وتوجيه الأنظار إلى قوة الأجهزة الإستخبارية. والسؤال هل تبقى يا ابن وطني أمياً حتى لا تُتهم بالإرهاب!؟ وهل سيسلم شخصك من السباب أو يدك من النار واللهب!؟ لا يا ابن أمتي، أنت مطلوب على كل المحاور: فإن كنت أمياً فأنت متهم بالبربرية. وإن كنت متعلماً مثقفاً فإنك تعاملت مع أيدٍ إرهابية زودتك بالعلم والفهم حتى تُجيد القتال أو سلكت سبيل تقبيل النعال، فإن زمن خيانتك وبيع أرضك وشعبك إلى زوال مهما قلدوك من أوسمة ولبست من الإشكال والألوان سيدوسونك إذ ينتهي الشوط كالصرصار... عندها لن تُنجدك حروب «دون كيشوت» ولا جهود أبي رغال. وإن كنت تعيش على هامش الحياة تُعلف كالأغنام ستبقى قطعة عربي قذر. وإن كنت متنسكاً تحب الأنبياء جميعهم (عليهم السلام) فإنك تُعلن البراءة وتخفي وفق تقاريرهم التقية... هذه حالنا في بلادنا وحصارنا في أوطاننا بألف حجة وقضية. لا تُغادر بيتك ليلاً أو نهاراً... ربيعاً أو خريفاً... صيفاً أو شتاءً... يا ابن القدس الأبية خوفاً من أن يأتي مستوطن يحتل بيتك إن غبت عنه لهُنيهة! لا تُغادر فإن الظالم هو الحاكم. لا تُغادر فإنها محكمة ستقضي في نهاية المطاف أنك مُدان وآثم وعقوبتك أن تلتحف السماء وتفترش الأرض وتسكن العراء.. يا عرائس البحر لا تُبحري فيه ولو لاستراحة قصيرة. لقد مضى زمن البرتقال واللوز والزيتون. لا، لا تُبحري فإنهم سيُصادرون البيوت والأرض وحتى الأنفاس. وسيأتون بألف وثيقة ووثيقة مزيفة ستكون في حكمهم «عين الحقيقة». لا، لا تُبحري يا عرائس البحر، فيافا تعرف كيف تصون شرفها. وعكا ستصمد رغم أمواج البحار، واللد تشد من أزرها الرملة. حيفا تطل بكبرياء واستعلاء. قفوا كما أنتم أعمدة، فإن السقف إن سقط فليس لكم إلا الرحيل. وحقكم في البناء والتصليح والتعمير مصادَر بكل الأحوال. وأنت أيها المرابطُ الأمين، القاعد على أعناق الجلادين، الضاغط على أوردة المغتصبين، إن أصلحتَ بيتك أو سددت ثقباً أو احتميت من المطر، فإنك مخالف على أفعالك، وستُعاقب على جرائمك في المحاكم المدنية والعسكرية. تُطبق عليك قوانين الطوارئ، ويُعلنون أنك خارج على القانون. تُدان في المجتمعات الدولية. وتُلاحق مصبوغاً بالتهم الإرهابية... والتهمة الأولى والاخيرة أنك عربي بقيت ولم ترحل، صمدت على أرضك، زرعت بوطنك، ذُبحت ولم تُهاجر ولن تُغادر. رُوعت ولم تُبادل. قُتلت ولن ترحل. سُجنت ولن تستسلم. ضاقت عليك الدنيا بما رحُبت وما زلت تُصر على البقاء. وتصبر الى ما لا نهاية. وغاية السلامة أن يعود كل ذي حق لحقه. ومفتاح الدار لا يعرف الصدأ إليه سبيلاً. والأمل سيل جارف لا يعرف مستحيلاً. ووصية الأب عند الممات ميراث عظيم: أنت يا بني مقتول على كل المحاور. مطلوب في كل الدوائر. مصلوب على كل المعابر. فلا تُغادر لا تُغادر لا تُغادر.