واشنطن - «نشرة واشنطن» - يتوقع أن تعاني النظم البيئية التي تعتمد على الثلوج والجليد من معظم التأثيرات السلبية نتيجة تغيّر المناخ، استناداً إلى مجموعة من المعلومات التراكمية من خلال «شبكة أبحاث البيئة الطويلة الأمد» (إل تي إي آر)، المشروع الذي ترعاه «المؤسسة القومية الأميركية للعلوم» (منظمة فيديرالية مستقلة مفوّضة من مجلس النواب الاميركي تعزيز تقدم العلم). وواصلت «شبكة أبحاث البيئة الطويلة الأمد» جمع البيانات لمدة تزيد على 30 سنة، من الأنظمة البيئية المتنوعة، كالصحاري والبحيرات والمروج العشبية والغابات وغيرها، كي نتمكن من فهم أفضل لقوى البيئة التي قد تتكشف عبر العقود وتشمل مناطق جغرافية واسعة. ودرست الباحثة في «شبكة أبحاث البيئة الطويلة الأمد» جوليا جونز، وفريق عملها، بيانات مستقاة من 19 مجمّعاً للمياه في الغابات عبر أنحاء الولاياتالمتحدة. وتشير النتائج التي توصلوا إليها، إلى أن كمية كبيرة من مياه الجداول تُفقد في الغلاف الجوّي عندما ترتفع معدلات درجات الحرارة في الأنظمة البيئية الثلجية. ووجدوا مثل هذا التأثير في منطقة الجنوب-الغرب الأميركية القاحلة، حيث تعتمد المناطق السكانية على تدفقات المياه من الثلوج المتراكمة على الجبال على ارتفاعات أعلى. لكن حالة الأنظمة البيئية في الغابات التي تفتقر إلى ثلوج فصل الشتاء كانت أفضل، بسبب تحملها درجات حرارة مرتفعة. وقالت جونز: «يبدو أن جداول المياه في الأنظمة البيئية في الغابات الجافّة أكثر قدرة على الصمود بوجه ارتفاع درجات الحرارة، فهذه النظم البيئية يمكنها الاحتفاظ بكميات أكبر من المياه عندما ترتفع درجة حرارة المناخ، ما يحافظ على انسياب مياه الجداول ضمن الحدود المتوقعة». وسمحت فترة زمنية طويلة الأمد بجمع البيانات للعلماء لتقويم مجموعة من العوامل التي تؤثر على تجمعات المياه، اهمها التأثير البشري، وفترات الجفاف أو هطول الأمطار غير الاعتيادي. وتشمل «شبكة أبحاث البيئة الطويلة الأمد» 26 موقعاً في أميركا الشمالية، مثل بورتوريكو وجزيرة موريا في بولينيزيا الفرنسية، ومنطقة القطب الجنوبي. وجمعت البيانات البيئية من هذه المواقع على مدى يفوق ثلاثة عقود، ووثّقت التغيرات التدريجية والتقلبات الطويلة الأمد التي لا تصبح جلية في الدراسات القصيرة الأمد. وقال رئيس مجلس إدارتها التنفيذي سكوت كولينز «تساعدنا بيانات كل سنة إضافية على الفهم الأفضل لكيفية استجابة الأنظمة الإيكولوجية للتغير البيئي، ويقدم مثل هذا الفهم معلومات قيّمة للوكالات الفيديرالية ولإداريي الأراضي وللمشرّعين الراغبين في تطوير سياسات مسؤولة للتعامل مع عالم يتغير بسرعة». وتميّز عدد نيسان (أبريل) لمجلة «بيو ساينس» (العلوم الأحيائية) التي ينشرها «المعهد الأميركي للعلوم البيولوجية»، بمجموعة من المقالات المستندة إلى النتائج المستخلصة من مواقع شبكة الأبحاث البيئية. ويحدد تقرير آخر «مَن هم الكاسبون ومَن هم الخاسرون بيولوجياً في مناطق غلاف الصقيع، أي في المناطق الجليدية من الكوكب، عبر التأثر بتغيّر المناخ». وشكل تقلّص الغطاء الجليدي أحد الأمثلة المبلّغ عنها على نطاق واسع لعواقب تغيّر المناخ على الكوكب. وأكد رئيس فريق معدّي مقال نشر في مجلّة «بيو ساينس»، أندرو فاونتين، ان «الأعداد الإجمالية للجراثيم والنباتات والحيوانات التي تعتمد على الثلوج والجليد، ستتقلص إن لم تتمكن من الهجرة إلى مناطق جديدة يكسوها الجليد». وتوقع أن تجذب المناطق القطبية التي يكون عمق الثلوج فيها أقل، حيوانات مثل الغزال ذي الذيل الأبيض والظبي والوعل (الكاريبو)، وهي حيوانات لا تعيش في تلك المناطق الآن لأن التنقّل عبر طبقة ثلجية عميقة يتطلب منها بذل طاقة عالية جداً. يذكر ان نحو ألفي عالم وطالب يُجرون كل سنة نحو 200 تجربة واسعة النطاق في «شبكة الأبحاث البيئية»، وينشرون نتائج تجاربهم مجاناً على شبكة الإنترنت. واوضح مدير البرامج في «المؤسسة القومية الأميركية للعلوم»، ديفيد غارسيون، ان مواقع الشبكة الساحلية والبحرية، تزودها معلومات تحويلية حول أسباب التغيّرات المناخية والبيئية وعواقبها على الأنظمة البيئية، وتقدم الأسس العلمية السليمة اللازمة لإرشاد السياسة العامة في مواجهة التحديات المستقبلية التي يطرحها التغير البيئي.