إنه المال، أيضاً وأيضاً. المال الوسيلة، والغاية، والهدف، والحلم، والوهم، والفخّ، والسعادة الكاذبة. كسرت «روبي»، الشابة اللبنانية الجميلة، تابوات تجسيد المرأة الوصولية النهمة، الجائعة الى الأكثر دائماً. فكانت، بكلّ ثقة، الخائنة التي تركت خطيبها «عُمر» الطبيب، صاحب المبادئ العليا، والإمكانات المادية المحدودة، وأغوت «تامر» خطيب صديقتها الحميمة «شيرين»، صاحب الشركات والأعمال والأموال، مبهورة بلمعان الماس، وبريق الذهب، ورنين الفضّة. في نموذج «روبي» تختبئ شابات يافعات كثيرات يؤمِنّ إيماناً صارخاً بأن الجمال والفقر لا يجتمعان، ولا يجدن وسيلة أخرى لإثبات ذلك إلا بأن يسخّرن جمالهنّ وأجسادهنّ، مستبيحات كلّ شيء، من أجل «الوصول». معانٍ كثيرة مثل الحبّ والكرامة والوفاء والإخلاص والعطاء والتضحية، باتت موضة قديمة، بعدما حُوّرت مضامينها. وباتت أغنية صباح التي تخاطب فيها حبيبها «أبو الدراويش»: «تغدّيني خبزة وزيتونة، وتعشّيني بطاطا» من الماضي الغابر. في نموذج «روبي» شيء خطير من التعاطف مع البطلة الجميلة، الفقيرة الى المبادئ، الضائعة في متاهة السعي وراء الغنى والسلطة. تعاطف من شأنه أن يوصل، عن طريق الخطأ، رسالة قويّة الى ملايين الشابات العربيات الضائعات اللواتي يتابعن المسلسل بشغف ويتماهين بالبطلة بلا أمل، فيمهّد المسلسل لموجة جديدة لم تتضح معالمها في هذه المرحلة بعد. فالتطورات والأحداث اللاحقة ستكشف عن امرأة واثقة بكيدها ومكرها وطمعها وطعناتها لأقرب المقربين، وتفضيلها الغنى المادي على الحبّ، أو امرأة تعيسة مريضة نفسياً ضحية جوعها الى المال وخوفها الأبدي من الفقر والحاجة. وتكمن الخطورة في سيناريوين: فإن نجحت خيارات «روبي» المبنيّة على الطمع وتحطيم الآخرين من أجل بلوغها السعادة المنشودة، والحصول على زوج غنيّ وحبيب تعشقه، ستمهّد لحقبة من الوصولية الممجَّدة، المستبيحة لكلّ شيء وأيّ شيء، مستنسخةً «روبيات» بالجملة. وإن فشلت، ستروّج لردّة في اتجاه الرومانسية الجميلة الحالمة بالحبّ الحقيقي الخالص، بعيداً من المغريات المادية البرّاقة والباهرة والفارغة. في الحالين، يبدو مستقبل فتياتنا في يد «روبي». فهل تعي الكاتبة كلوديا مرشيليان المسؤولية الملقاة على عاتقها؟ وهل تدرك «ام بي سي»، المحطة التي تعرض «روبي» بنجاح كبير ونسبة مشاهدة عالية، ما هي قادرة على فعله في تشكيل أفكار واتجاهات وأهواء أجيال الغد؟