اعتبرت رئيسة استثمار محافظة البصرة (أهم مدن العراق من الناحية الاقتصادية) زهرة حمزة البجاري، استمرار منع المستثمر الأجنبي من حق تملك الأرض في العراق، أكبر مشاكل هيئة الاستثمار في محافظتها، مشيرة إلى الكثير من الطلبات المقدمة من قبل خليجيين وأجانب أهملت للسبب ذاته. وشرّع مجلس النواب العراقي عام 2006 قانون الاستثمار الذي يعد من أفضل قوانين دول المنطقة من حيث حجم التسهيلات والغطاء القانوني الذي يتمتع به المستثمر، لكنه حرم المستثمر الأجنبي حق تملك الأرض، لمعارضة نواب له. وبعد جهود طويلة مارستها هيئة الاستثمار أذعن مجلس النواب لاقتراح تعديل يخص حق التملك لكن بنطاق ضيق ويشمل فقط المشاريع الإسكانية، ولمدة لا تزيد على 50 سنة. وأعلنت وزارة البلديات والأشغال العامة، عن منح المحافظين في عموم المحافظات عدا إقليم كردستان، صلاحيات تخصيص الأراضي للمشاريع الاستثمارية. وقال المستشار الإعلامي في وزارة البلديات جاسم محمد سالم في تصريحات إعلامية «الوزارة أعدت خطة موسعة لفرز الآلاف من قطع الأراضي السكنية في بغدادوالمحافظات لتوزيعها بين الفئات المشمولة بالتوزيع». وأضاف «الخطة تنص على فرز وتخصيص قسم منها لتنفيذ المشاريع الاستثمارية التي تعدها المحافظات وتصادق عليها في مجالسها». وأشار إلى أن «الوزارة منحت المحافظين صلاحيات تخصيص الأراضي للمشاريع الاستثمارية من دون الرجوع إليها بغية زيادة صلاحيات المحافظات في هذا الجانب الحيوي وتشجيعاً للاستثمار». وقالت رئيسة استثمار محافظة البصرة زهرة حمزة البجاري في تصريح الى «الحياة» إن منح هذه الصلاحيات للمحافظين سيكون عاملاً مهماً في انجاز مشاريع الاستثمار بسرعة، وعامل جذب للمستثمرين، لكنها ستصطدم بمعوقات أخرى». وأضافت «حتى الآن لا نعلم سبب إصرار الجهات التشريعية على عدم السماح للمستثمر بحق تملك الأرض»، مؤكدة أن «مئات الطلبات التي وردت ألينا من مستثمرين خليجيين وعرب وأجانب ترغب في الاستثمار في محافظة البصرة الغنية بمواردها وموانئها وحجم سكانها، لكنها رفضت لأن المستثمر الخليجي والأجنبي يسعيان دوماً إلى بناء مشروعهما على أرض يتملكانها». وكشفت البجاري أن «هذه المشكلة لم تؤثر في القطاع الاستثماري وحده بل لحقت أثاره بالجانب الديبلوماسي، فغالبية الدول التي لديها استثمارات في القطاعات النفطية والغازية والنقل البحري والسياحة الدينية، قدمت طلبات بتملك ارض إلى محافظة البصرة لتأسيس ملحقيات ديبلوماسية وتجارية، لكنها رفضت، والجميع يعلم أن إي ملحقية أو سفارة لا تشيّد إلا على أرض تملكها الدولة المستفيدة، وهو عرف ديبلوماسي». وأكدت أنها «قدمت عشرات الطلبات لإعادة النظر بهذه القوانين للحكومة والجهات المعنية، لكنها رفضت». وعجز مجلس النواب عن إلغاء كثير من القوانين القديمة بخاصة ما يعرف بقرارات «مجلس قيادة الثورة» التي يعمل بها حتى اليوم، وبعضها يتعارض مع قوانين أقرّت حديثاً تتعلق بالاستثمار، ومنها موضوع حق الأجنبي والعربي باستملاك الأراضي لإنشاء مشاريع استثمارية. و«تسمح غالبية دول العالم بتملك الأجنبي أرضاً وعقارات». ووفق رئيس استثمار بغداد شاكر الزاملي، وفي حديث سابق الى «الحياة»، « تجاوزت الأموال العربية والأجنبية التي تدفقت على بغداد منذ العام 2008 10 بلايين دولار، استثمر منها فعلياً 25 في المئة أي 2.5 بليون دولار فقط، والبقية تلاقي معوقات تتعلق بتعارض القوانين الحديثة مع قوانين مجلس قيادة الثورة في زمن النظام السابق، والخاصة بتمليك الأراضي للمستثمرين». وأكد خبراء في مجال الاستثمار ان العراق تمكن من جذب ما يقرب من 37 بليون دولار من الأموال الأجنبية خلال السنوات العشر الماضية، تضاف اليها الاستثمارات الضخمة التي استقدمتها وزارة النفط عبر ما يسمى جولات التراخيص الأربعة. وقال الزاملي «مبلغ ال 2 بليون وفّر 7 ألاف فرصة عمل وحرّك قطاعات عمل كثيرة، وتوزّعت الاستثمارات ما بين 18 مشروعاً صناعياً أنجز بشكل كامل، ومجموعة مشاريع سياحية وتجارية قائمة، باستثناء توقف المشاريع الإسكانية بسبب تعارض بعض القرارات القديمة مع هذه المشاريع» . وكشفت المديرة العامة لدائرة الاستثمار في وزارة الصناعة والمعادن هيفاء الوائلي، عن وجود «مقترحات عدة تدرس من قبل مجلس الوزراء تخص قانون الاستثمار وحق تملك الأراضي من قبل مستثمرين عرب وأجانب»، مؤكدة إن «القانون العراقي للاستثمار صعب جداً ويتضمن شروطاً صعبة جداً، لكننا ملزمون بها بسبب أوضاع العراق الانتقالية». وأضافت أن «الاستثمار الأجنبي لن يفعّل إلا بتقدم الاستثمار الخاص المحلي، ونحن لا يمكن أن نطور صناعتنا بينما قطاعاتنا كافة تعاني مشاكل عدة، ما يعني ان علينا تطوير كل القطاعات في آن واحد». وتابعت «هناك اتجاه الى استغلال الأراضي الفائضة عن حاجة الشركات تحوّل ملكيتها إلى هيئة الاستثمار، لكن يجب التنسيق بين الوزارات وهيئة الاستثمار، فالأولى تملك خبرات والثانية حديثة التكوين، وعلينا معرفة نوع المشاريع وهل تستحق تنازل الدولة عن أرضها لها، خصوصاً ان هذا ليس تمليكاً بل إيجاراً، ولا نملك حتى الآن قانوناً لتمليك أراضي الدولة للاستثمار».