غونتر غراس، أشهر أدباء المانيا بعد الحرب العالمية الثانية، نشر في أوائل هذا الشهر قصيدة سياسية اتهم فيها إسرائيل بأنها خطر على السلام العالمي، وطالب بمراقبة ترسانتها النووية قبل أن تشن هجوماً على إيران. جريدتنا «الحياة» نشرت القصيدة وتابعت التفاصيل، والمادة المتوافرة تكفي لملء موسوعة، فأنتظر صدور كتب عن المؤلف وقصيدته في الأشهر المقبلة. أكتفي من الضجة بتعليق مختصر قبل أن أكمل بنقاط من وحيها، وغونتر غراس مؤلف «الطبل التنك» عمره 84 سنة، فاز بجائزة نوبل سنة 1999، ويلوم نفسه في قصيدته على صمته حتى الآن، فليس عنده ما يخشى وهو في نهاية عمره. بنيامين نتانياهو حمل على غراس بشدة، أي أن مجرم حرب فاشستياً يهاجم روائياً وشاعراً وكاتب مسرحيات ورساماً ونحاتاً. كذلك هاجمه برنار-هنري ليفي، وهو يهودي فرنسي متفلسف شهرته أنه «اعتذاري» لإسرائيل، أي لجرائمها اليومية ضد الفلسطينيين، فهو يهاجم الشاعر وقصيدته، ولا يرى قتل إسرائيل حوالى 1500 قاصر فلسطيني منذ 29/9/2000، أو تقرير «بتسلم» في آذار (مارس) 2012 عن قتل إسرائيل في السنة السابقة 115 فلسطينياً، بينهم 18 مراهقاً، و37 مدنياً، ومنهم 14 اغتيلوا كما تفعل أي مافيا. أوقح مما سبق أن وزير داخلية إسرائيل ايلي يشاي منع غونتر غراس من دخول إسرائيل، ويشاي هذا من حزب شاس الديني الذي يريد عرابه عوفايدا يوسف أن يخدم العالم اليهود لأنهم من جنس أرقى من بقية الناس كما قال هتلر يوماً عن الجنس الآري. قبل الروائي الالماني وقصيدته شهدنا على فجورهم التالي: - صدر سنة 2007 كتاب عنوانه «لوبي اسرائيل والسياسة الخارجية الاميركية» من تأليف أستاذيْن جامعييْن اميركييْن هما جون ميرزهايمر وستيفن والت اللذان تعرضا لحملات مسعورة مستمرة، وعندي أمثلة عليها يضيق عنها المجال. وهكذا فعصابة الحرب ودولة العنصرية تهاجمان ميرزهايمر، أستاذ العلوم السياسية في جامعة شيكاغو حيث أدار برنامج سياسة الأمن الدولي، ووالت، أستاذ الشؤون الدولية في هارفارد الذي كان يوماً عميد كلية جون كنيدي للحكومة. - أستاذ جامعي آخر من أعلى مستوى ممكن يتعرض لحملات لا تتوقف هو ريتشارد فولك، وهو أستاذ شرف للقانون الدولي في جامعة برنستون، لا يشفع له أنه يهودي، فجريمته أنه المقرر الخاص للأمم المتحدة «لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية»، وهو يدين جرائم إسرائيل ضد الفلسطينيين ويسجلها ويوثقها. - في الولاياتالمتحدة لوبي يهودي معتدل يؤيد إسرائيل اسمه «لوبي جي ستريت» حيث مقره في أحد شوارع واشنطن، وهو يتعرض لهجوم المحافظين الجدد والليكوديين الاميركيين كل يوم لأنه يعمل للسلام بين إسرائيل والفلسطينيين، وعندما انتقد قتل إسرائيل مدنيين في قطاع غزة، ردّت عليه عصابة الشر بأنهم «إرهابيون»، فأعود بالقارئ الى ما سجلت في سطور سابقة عن تقرير «بتسلم». - وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين (اونروا) تتعرض لحملات مماثلة لما يتعرض له «لوبي جي ستريت»، والتهمة أنها تنتقد «دفاع إسرائيل عن النفس» على حد قول مطبوعة «كومنتري» الليكودية، فقتل المراهقين في بيوتهم دفاع عن النفس على الطريقة الاسرائيلية. - ويهوديان آخران من أبرز العاملين في حقليهما يتعرضان لحملات عنصرية لأنهما معتدلان ويعارضان الحرب هما الصحافي سايمور هيرش، الذي يحمل رقماً قياسياً في «السبقات» الصحافية منذ مذبحة ماي لاي حتى اليوم، ثم أقرأ لهم «خداع سايمور هيرش»، وهم الخداع نفسه، وبيتر باينارت، مؤلف كتاب «أزمة الصهيونية» وعنوان الكتاب يُغني عن شرح. وضاق المجال مع أن أمامي مادة تفوق أضعافاً ما سجلت في السطور السابقة، وبينها كتاب لليكودي الميول جاي نوردلنغر عنوانه «يقولون السلام» يهاجم جائزة نوبل كلها، وهو سبق قصيدة غونتر غراس التي أؤيدها كلها وأزيد أن اسرائيل جريمة قائمة ضد الإنسانية. [email protected]