عذراً يا دولة الرئيس، لم أتعود الكتابة لمدح ولا لذم أصحاب المعالي أمثالك، لكنني اليوم سأعاتبك عتاب البنت أباها. أنا شابة فلسطينية أتلمس طريقي الإعلامي، أحمل هم شعبي، وأتأثر بمعاناتهم، أبكي لمرضهم، ويقشعر بدني لفقرهم وقلة حيلتهم، فهناك أناسٌ ينتظروننا لنأخذ بيدهم، ونسلط الضوء عليهم، ونبحث عن وجعهم وننقله إليكم، لعلنا نجد من يساعدهم منكم. في كثير من الأحيان أبحر في كتاباتي لكي أوصل معاناتهم لأصحاب العلاقة لترسو هذه السفينة التي تحمل فقرهم وجوعهم وأملهم على شاطئك، أيعقل أنك لم تتأثر بهم؟ لم تكن أول المستقبلين سفينتهم وترحب بهم وتساعدهم، أم إنك تساعد من هم أعزاء عليك فقط؟ ناشدناكم كثيراً لماذا لم تلبوا ولم تستجيبوا لتلك المناشدات؟ نقلت لك حياة أسرة ابتلعها الألم والجوع والحاجة ولم يترك لها الفقر برهة من الزمن ليعلن الهدنة معها. كنت أتمنى عندما أكتب أن تكون أنتَ أول المسعفين للقضايا الإنسانية. كنت أنتظرك أنتَ، لأنك أنتَ الذي تعيش وسطنا ومعنا. أنت الذي تحكمنا. إذاً، أنت المسؤول عن شعبك، فأهل غزة يتوقون لمساعدتك أنت. قبل فترة وجيزة أعددت تقريراً عن حالة يرثى لها من شدة الفقر تسكن في مخيم الشاطئ، وكنت على يقين أنك أنت من سينقذها من فقرها لسبب يبدو بسيطاً جداً وهو أنك تعيش في معسكر الشاطئ غير بعيدٍ عنها وتعرفها جيداً. لكنْ، لا أعرف ما الذي حدث فقد اختفيتم، ولم نستطع الوصول إليكم. في الخامس من تموز (يوليو) الماضي، أعددتُ تقريراً بعنوان «تضحية أم... امرأة غزية تعرض كليتها للبيع لإنقاذ ابنها «بعد ساعات من نشره في كل المواقع الإلكترونية الخاصة والمستقلة والسياسية وحتى الحمساوية. لاقى هذا التقرير ترحيباً كبيراً من الجميع هنا في غزة والضفة وحتى دول الخليج العربي، ووصلت تبرعات بمبالغ كبيرة جداً لهذا المواطن الذي كان يعاني من عيب خُلقي ولا يستطيع أن يتابع طريقه ويستقر في حياته إلا بعد إتمام عملية خارج غزة تحتاج إلى مبلغ كبير جداً، وبعد يوم واحد فقط رد علينا الدكتور بسام البدري مدير العلاج بالخارج شخصياً، بناءً على تعليمات الرئيس أبو مازن بأن يتم التعامل مع هذه الحالة وتبني العملية التي تحتاج 60 ألف دولار، وخروج الشاب ووالده إلى مصر لإتمام العملية. لماذا الرئيس وليس أنت يا رئيس الوزراء؟ كلمة أخيرة لك سيدي: أنا لست ضدك، ولا ضد حكومتك ولا تنظيمك، ولا ضد أي تنظيم فلسطيني، ولا أي شخص فلسطيني، لكن ما أحتاجه فقط أن تتعامل مع الحالات الإنسانية بجدية ومسؤولية. سيدي أنت مسؤول «وكلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته».