رأى اقتصاديون أن ما طرح على إنه أهداف أو إيجابيات في المبادرة غير عملي، ويفتقر إلى الدقة والفائدة الحقيقية،إضافة إلى كون عائداتها لا تمثل سوى نقطة في بحر الناتج القومي المحلي، كما أن موضوعاً كفرض ضرائب على العمالة الوافدة «سابق لأوانه» كما يرى الكاتب الاقتصادي جمال بنون «لوجود تشوهات كبيرة في سوق العمل السعودية وعدم جاهزيتها لمثل هذا الأمر». وقال بنون ل«الحياة»: «إن مشروع فرض ضرائب دخل على غير السعوديين جاء كأحد الحلول التي تفكر بها جهات حكومية لسعودة الوظائف في القطاعات الأهلية، لكن للأسف الشديد كل محاولات وبرامج السعودة ليست سوى إبر تضرب في جسد مريض بين الحين والآخر، لكنها لا تقدم حلولاً جذرية للمشكلة». وأضاف: «بالعودة إلى سوق العمل السعودية والحلول التي طرحت منذ سنوات طويلة لسعودة الوظائف بها، نرى أن جميعها لم يقدم حلولاً جدارية للمشكلة، بل أسهمت في تطورها وارتفاع البطالة لدينا». وضرب مثلاً بصندوق تنمية الموارد البشرية الذي جاء كأحد الحلول لسعودة الوظائف في القطاع الخاص، عبر إسهامه في دفع نصف رواتب السعوديين في هذا القطاع، لكنه بحسب بنون، لم يحقق نتائج إيجابية تذكر، «على رغم أن مصدر تغذيته بالأموال هي التأشيرات ونقل الكفالات وغيرها». وتابع: «لكن بالنظر بشكل آخر إلى سوق العمل السعودية نجد أنه من غير المعقول أن تحتاج شركات كبيرة وذات اقتصادات مرتفعة إلى أن يدفع لها نصف رواتب السعوديين العاملين فيها». وزاد: «إن برنامج حافز بإحصاءاته التي تعلن منذ بدء تدشينه كشفت لنا مدى الخلل الذي نعاني منه في سوق العمل السعودية، وأعطى مؤشرات واضحة أن مشاريع وبرامج السعودة التي أوجدت في السعودية فشلت لدينا ولم تعالج إشكالية البطالة». ونوه إلى أن مشروع فرض الضرائب على غير السعوديين يعد أحد المشاريع أو البرامج المسكنة لسوق العمل «ليست حلاً جذرياً»، مهوناً من فائدة عائداتها على الاقتصاد السعودي «عندما نتحدث عن فرض ضريبة دخل على الوافدين، هذا يعني أننا سنحصل على ما يتراوح بين 4 و5 بليون ريال، وهو مبلغ بسيط في مقابل ما يتم تحويله من نقد سنوي للخارج والذي قدر بحسب المصادر التحويلات الرسمية ب100 بليون ريال». وتساءل بنون: «هل فرض الضريبة اليوم يعني أننا سنرفع نسب السعودة لدينا في القطاع الخاص؟»، ليجيب عن سؤاله بالقول: «بالتأكيد لا، لأن هناك أمثلة واضحة لمثل برنامج فرض الضرائب تم تفعيلها في السابق، مثل رسوم التأشيرات ونقل الكفالات وغيره، لكنها أسمهت في رفع نسب البطالة زيادة عدد تأشيرات الاستقدام للعمالة الأجنبية من الخارج». ولفت إلى أن الفوضى التي تعاني منها سوق العمل السعودية بحاجة إلى ترتيب وإيجاد تنظيم مشترك بين الجهات المعنية بوجود العمالة الوافدة في سوق العمل السعودية، وقال: «70 في المئة من الوافدين إلى السوق السعودية لا يعملون عند كفيلهم، إضافة إلى أن الأجور التي تنالها غالبيتهم متدنية، وبالتالي فإن الغالبية لن تطبق عليها نظام الضرائب، لأن رواتبهم أقل من ألفي ريال، ولم يتبق إلا شريحة بسيطة لن تتجاوز مليوني وافد ممن سيطبق عليهم مثل هذا القانون». والفوضى في سوق العمل السعودية من وجهة نظر بنون لا تتوقف عند عملهم لدى غير كفلائهم، بل تمتد إلى عقودهم التي لا يعد كثير منها نظامياً. وزاد: «لدينا العديد من القضايا العمالية، منها ما يندرج تحت بند الفصل التعسفي، وأخرى نتدرج تحت عدم نيل الحقوق، وهو ما يؤكد أهمية ترتيب سوق العمل السعودية ووضع أنظمة صارمة لينال كل ذي حق حقه، بعد ذلك ننتقل لخطوط أخرى منها فرص الضرائب وغيره». كذلك كان رأي عضو مجلس إدارة منظمة العمل الدولية، عضو مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية في جدة الدكتور عبدالله دحلان، عندما أبدى تأييده رفض المبادرة التي طرحت في الشورى، فالمبادرة «لم تستكمل من حيث الدراسة بشكل كافٍ قبل طرحها، إذ لم توفق في الطرح»، مشيراً إلى أنه من مؤيدي قرار مجلس الشورى السعودي برفضها، لأنها لا تحقق عدالة اجتماعية ولا عدالة ضمن منظمة العمل الدولية». وذهب دحلان إلى أبعد مما ذهب إليه الاقتصادي بنون، عندما قال: «إذا أردنا أن نطبق فريضة دخل، فلا بد من أن تكون على الجميع من دون استثناء فئة عن فئة أخرى، بمعنى أن تكون الضرائب على الجميع سواء كانت عمالة سعودية أم وافدة». وأشار إلى أن منظمة العمل الدولية لا تفرق في نظامها وإجراءاتها وآلياتها وقرارتها في العمل بين مواطن ومقيم، وزاد: «من هنا لا يصح لنا في السعودية فرض ضرائب على الوافد من دون السعودي، لأن هذا لا يحقق مبدأ العدالة والمساواة في العمل بين الطرفين». وأضاف: «إن الوضع الراهن في السعودية لا يتطلب فرض ضرائب دخل على العمالة الوافدة، وإلا سيؤدي ذلك إلى زيادة التكاليف على أصحاب العمل، وهذا سيسهم في رفع تكاليف المعيشة، وبالتالي سيحمل المستهلك المحلي العبء». ولفت إلى أن القانون العالمي يعطي الشخص الذي تفرض عليه ضرائب دخل حق المساءلة في: أين صرفت تلك الأموال، وقال: «في الغالب تتم المساءلة في البرلمانات الحكومية، ويحق للمواطن أن يسأل الدولة عن الأموال التي تؤخذ من الضرائب وقنوات صرفها». وأشار إلى أن «لدينا العديد من برامج توطين الوظائف التي أقرتها الحكومة السعودية وتعمل بخطى جيدة، والمفروض أن يتم التركيز عليها ودعمها لتحقيق أهدافها». وتابع: «إذا كان الهدف من فرض ضرائب زيادة مدخول الخزانة من الإيرادات، فإن السعودية ليست بحاجة إلى مثل هذه الإيرادات، بل تعد حملاً إضافياً على أصحاب الأعمال والمواطن». واعتبر أن حل ما وصفه ب «الفشل النسبي» في تطبيق بعض برامج توطين الوظائف، هو اعتماد تطبيق تلك البرامج بالإجبار والإكراه»، مؤكداً أن ذلك لن يجدي، «يجب اتباع نظام الإقناع والتحفيز لتحقيق نتائج إيجابية». ولفت إلى أهمية وجود برامج مدروسة لتوطين الوظائف تبدأ بالوظائف والمهن التي يمكن شغلها بالسعوديين مع استثناء الوظائف التي تعتمد على الخبراء والأطباء والمهندسين من ذوي الخبرات والكفاءة، وقال: «كما لا بد من أن يستثني من السعودة الوظائف الدنيا كعمالة المنزلية وغيرها والتي لا يمكن توطينها حالياً».