استبقت دمشق امس وصول مراقبي الأممالمتحدة إلى سورية لبدء مهمتهم لمراقبة وقف اطلاق النار بين السلطات والمعارضة، بتحديد شروط لتحركاتهم على الأرض وتمديد مهمتهم وجنسياتهم. واتهمت «المجموعات المسلحة» بالانتهاكات المتكررة للهدنة. توازى ذلك مع استمرار التصعيد على الأرض، إذ واصلت قوات الجيش السوري قصفها العنيف على حمص ومناطق اخرى، ما ادى إلى مقتل ما لا يقل عن 21 شخصا غالبيتهم في حمص. ومع استمرار اعمال العنف، اعرب الامين العام للامم المتحدة بان كي مون عن «قلقه الشديد» ازاء الوضع على الارض. وقال، عقب لقاء رئيس الوزراء البلجيكي ايليو دي روبو: «مرة اخرى انا قلق جدا ازاء ما يحصل في سورية» من اعمال عنف وخرق لوقف النار امس واول من امس، مشددا على «ضرورة ان تتخذ الحكومة السورية كل الاجراءات لضمان الحفاظ على وقف اطلاق النار». إلى ذلك، تعقد اللجنة الوزارية العربية المعنية بالملف السوري اجتماعاً غداً الثلثاء في الدوحة برئاسة رئيس اللجنة رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني . ووفقاً للمصادر ستجري اللجنة عملية تقويم للمستجدات التي شهدها الملف السوري في الفترة الماضية في ضوء تطورات وتفاعلات مهمة أنان وقرارات «مؤتمر أصدقاء سورية» الذي عقد في إسطنبول والقرار الأخير الذي أصدره مجلس الأمن وتضمن نشر مراقبين دوليين في سورية، وسيعلن الوزراء موقفاً في شأن تلك التطورات. وقبل ان يبدأ فريق المراقبين، المكون من 6 اشخاص برئاسة عقيد مغربي، مهمتهم على الأرض في سورية اليوم ل «إعداد مقر عام لعملياتهم» في دمشق والاتصال بالحكومة السورية والمعارضة «ليفهم الطرفان ما سيكون دورهم في المراقبة وليتمكنوا من وضع نظام لرصد الانتهاكات»، قالت المستشارة السياسية والإعلامية في الرئاسة السورية بثينة شعبان إن سورية لا يمكن أن تكون مسؤولة عن سلامة مراقبي الاممالمتحدة ما لم تكن مشاركة في جميع الخطوات على الارض. وقالت شعبان للصحافيين إن «تحديد مدة عمل المراقبين واوليات تحركهم ستتم بالتنسيق مع الحكومة السورية لانه لا يمكن لسورية ان تكون مسؤولة عن امن هؤلاء المراقبين الا اذا شاركت ونسقت بكافة الخطوات على الارض». وأشارت إلى أن الفترة المقبلة ستقسم على مرحلتين: الأولى، تضم قدوم فريق مقدمة من 30 مراقباً للتفاوض على بروتوكول التعاون والاتفاق عليه بين الحكومة السورية والمبعوث الدولي - العربي كوفي أنان. والثانية، أن يأتي نحو 250 مراقباً بعد توقيع البروتوكول. وقالت إن المفاوضات بين الحكومة وفريق أنان تناولت عدداً من النقاط المتعلقة بالبروتوكول، مشيرة إلى أنه سيكون لسورية الحق في أن توافق أو لا توافق على جنسية المراقبين وسيتم الاتفاق إزاء مدة البروتوكول وأن يكون تمديده بموافقة الطرفين، إضافة إلى «آلية تحرك» المراقبين والتنسيق معهم. وأضافت إن القرار يقول إن الحكومة السورية مسؤولة عن أمن المراقبين، الأمر الذي يتطلب التنسيق في ما يتعلق بالتحرك. وقالت شعبان إن الحكومة السورية ترحب بالمراقبين، موضحة ان وجودهم»في مصلحتها، خصوصاً أن ذلك يتم ضمن السيادة السورية». واضافت «أنه بعد إعلان وقف إطلاق النار، بدءاً من صباح الخميس الماضي، جرى تسجيل أكثر من 60 حالة خرق لوقف إطلاق النار من قبل المجموعات المسلحة». وقالت، رداً على سؤال ل «الحياة»، إن «الرسائل المتبادلة بين مبعوث الأممالمتحدة كوفي أنان والحكومة السورية ونص المادة 51 من ميثاق الأممالمتحدة، تضمن حق الجيش السوري بالرد على العنف المسلح وضمان أمن الوطن والمواطن». وكانت شعبان تتحدث في لقاء مع عدد من الصحافيين بهدف «وضع الأمور في الإطار الصحيح». وتوازى ذلك، مع تصريحات شعبان اعلان وزارة الدفاع السورية امس ان «المجموعات الإرهابية المسلحة» صعدت «في شكل هستيري» اعتداءاتها على عناصر الجيش وقوات حفظ النظام والمدنيين بالتزامن مع صدور قرار مجلس الامن ليل اول امس، مؤكدة ان «الجهات المختصة ستقوم بمنعها من مواصلة اعتداءاتها الاجرامية». ونقلت وكالة الانباء السورية الرسمية (سانا) عن مصدر عسكري مسؤول في الوزارة قوله: «منذ إعلان وقف العمليات العسكرية، تصاعدت الاعتداءات من قبل المجموعات الإرهابية المسلحة على المدنيين والعسكريين ونقاط وحواجز قوات حفظ النظام والممتلكات العامة والخاصة والتي تجاوزت عشرات الخروقات وتسببت بخسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات». إلا ان معارضين وناشطين اتهموا السلطات السورية بإنتهاك جسيم لوقف اطلاق النار، متحدثين عن قصف عنيف على حمص وغيرها من المدن. وقالت جماعات معارضة إن الجيش قصف حمص أمس بكثافة وانه كان بالامكان سماع قذيفة كل دقيقة. وأشارت إلى أن القصف تزامن مع تحليق لطيران استطلاع في سماء المدينة. وفيما يبدو أن الهدنة في حمص تتهاوي بسبب احتدام المواجهات بين النظام والمعارضة التي ما زالت تسيطر على مناطق من المحافظة، ظهر أن وقف إطلاق النار في المدن الأخرى أفضل حالاً، إذ لم ترد تقارير عن مواجهات أو اشتباكات جدية، باستثناء ريف حلب، إذ تحدث المرصد السوري عن اشتباكات عنيفة بين قوات الأمن السورية ومقاتلين من المجموعات المسلحة المنشقة قرب مفرزة الأمن السياسي في مدينة الباب (ريف حلب) وسمع أصوات انفجار وإطلاق رصاص في المدينة. وأشار المرصد إلى استهداف قسم للشرطة في المدينة بعدة قنابل لافتاً إلى عدم ورود أنباء عن سقوط خسائر بشرية. وأفاد ناشطون باقتحام الأمن بلدة بقرص بدير الزور وشن حملة اعتقالات شملت عشرات الناشطين بعد مداهمة منازلهم. تأتي هذه التطورات الميدانية مع استمرار التظاهرات في كل من إدلب ودرعا وحماة. وقالت جمعيات خيرية إن قرابة ألف سوري عبروا إلى الأردن ليل أول من أمس، مضيفة أنهم شهدوا ارتفاعاً مفاجئاً في عدد اللاجئين خلال الأيام الثلاثة الأخيرة. وأوضح مصدر أمني في المنطقة الحدودية أن نحو 2500 سوري، غالبيتهم من النساء والأطفال، عبروا إلى داخل الأردن خلال الساعات ال48 الماضية، مسجلين واحدة من أكبر دفعات تدفق اللاجئين على المملكة منذ بدء الاحتجاجات. وقال ناشطون إن نحو أربعمائة أسرة إضافية توجد حالياً في منطقة الحدود السورية - الأردنية، أملاً في أن يشجع وقف النار دمشق على التراجع عن سياسة تتبعها منذ شهر بمنع دخول المدنيين إلى الأردن.