لم تستوعب براءة طفل في سن السادسة أن يجتمع العيد والموت في آن واحد، خلال حضوره مع والده لأداء صلاة العيد في جامع الملك خالد في أم الحمام (وسط غرب الرياض)، إذ عاش الطفل لحظات مفاجئة بالنسبة له بين تكبيرات صلاة العيد وصلاة الجنازة التي أعقبتها مباشرة قبل أن يشرع الإمام في خطبة العيد، إلا أنه سأل والده بصوت مسموع: لماذا لم نسجد يا أبي في الصلاة الثانية؟ ولماذا تلك العائلة تبكي؟ وتساؤلات الطفل حسام الشهري، والذي شهد للمرة الأولى في حياته صلاتي العيد والجنازة، أثارت دموع المصلين المحيطين به، على رغم أن السواد الأعظم في المسجد كانت تشع وجوههم فرحاً بعيد بالفطر المبارك باستثناء عائلة واحدة لم تمسح سعادة العيد الأصغر حزنها، وهي تصلي على فرد منها. وأجبرت أسئلة الطفل الشهري الكثيرة والده على أن يخرج من المسجد حتى لا يؤثر في من بقي لسماع خطبة العيد، اختلط صوت الطفل وهو يستغرب موت إنسان يوم العيد، بحديث الإمام عن التسامح واللحمة بين أفراد العائلة، جسدت تلك الكلمات المتداخلة مع مشهد الجثة وهي محمولة على الأعناق قول المتنبي «كَأَنَّ المَوتَ لَم يَفجَع بِنَفسٍ** وَلَم يَخطُر لِمَخلوقٍ بِبالِ وَأَفجَعُ مَن فَقَدنا مَن وَجَدنا** قُبَيلَ الفَقدِ مَفقودَ المِثالِ يُدَفِّنُ بَعضُنا بَعضًا وَتَمشي** أَواخِرُنا عَلى هامِ الأَوالي». وحاصر الطفل والده بأسئلة عدة عن كل ما تقع عليه عيناه، ومنها قدرة حاملي المباخر، وهم ينحنون لأكثر من 5 آلاف مصلٍ لتبخير المصلين برائحة العود. ولم يكتفِ الطفل بتعجبه من قدرة حاملي المباخر على الانحناء بين صفوف المصلين، بل زادت دهشته من تقديم البخور للأجانب نظراً لأنها عادة أصيلة للسعوديين. وتسببت براءة الطفل في إحراج والده عندما كان يفز بين الفينة والأخرى من جانبه متوجهاً لرؤوس المصلين ليستفسر عن اسم «الكوفية الفلسطينية» و«العمامة السودانية» أو «الطاقية الهندية والباكستانية». لاحظ الطفل بشكل بريء أن عدد السعوديين في المسجد قليل مقارنة بالأجانب، مستدلاً بكثرة ألوان الأزياء التي يرتديها المصلون مقارنة بلون الثوب الأبيض. انتهت أسئلة الطفل قبل أن تنتهي الخطبة أو تدفن الجنازة، واختفت ملامح الحزن والفرح بين حشود المصلين أثناء خروجه مع والده من جامع الملك خالد الذي يستوعب في ساحاته الداخلية والخارجية أكثر من 5 آلاف مصلٍ، عاد كل منهم إلى منزله بتهنئة لأهل بيته إلا عائلة وحيدة حملت التعازي.