دمشق، بيروت، جنيف، واشنطن - «الحياة»، رويترز، ا ف ب - اعلنت وزارة الدفاع السورية امس وقف الاعمال العسكرية ضد «المجموعات الارهابية المسلحة» اعتبارا من صباح اليوم الخميس، وهو الموعد الذي كان قد حدده الموفد الدولي - العربي كوفي انان لكل الاطراف في سورية لوقف العنف. ونقلت وسائل الاعلام السورية الرسمية عن مصدر مسؤول في وزارة الدفاع قوله «بعد تنفيذ قواتنا المسلحة مهامها الناجحة في مكافحة الاعمال الاجرامية للمجموعات المسلحة وبسط سلطة الدولة على اراضيها، تقرر وقف هذه الاعمال اعتبارا من صباح يوم غد (اليوم) الخميس». وفي هذا الوقت اعلن انان من جنيف انه تسلم تعهدا مكتوبا من النظام السوري بوقف العمليات العسكرية ابتداء من اليوم. وقال الناطق باسمه احمد فوزي ان انان تسلم رسالة من وزير الخارجية السوري وليد المعلم يبلغه فيها قرار «وقف جميع الأعمال العسكرية في جميع الاراضي السورية ابتداء من الساعة السادسة صباحا غدا (الخميس)، مع الاحتفاظ بحق الرد على اي اعتداء تقوم به المجموعات الارهابية المسلحة ضد المدنيين وعناصر حفظ النظام والقوات المسلحة والممتلكات الخاصة والعامة». واضاف فوزي ان انان سيواصل العمل مع الحكومة السورية والمعارضة لضمان التطبيق الشامل للخطة المؤلفة من ست نقاط، ويتطلع الى الحصول على الدعم المتواصل للدول المعنية بهذا الخصوص. واستقبلت الاوساط الديبلوماسية الدولية الاعلان السوري بكثير من التشكيك والتحفظ، خصوصاً بعدما كان مفترضاً ان تلتزم دمشق بوقف اعمال العنف منذ صباح اول من امس الثلثاء. وقال الناطق باسم البيت الابيض جاي كارني ان الادارة الاميركية تنتظر اشارات على الالتزام السوري بوقف النار، معتبرا ان «من المهم الحكم على افعال سورية وليس على اقوالها». واوضح انه بناء على تطورات اليوم ستجري واشنطن مشاورات مع حلفائها لتقرير الخطوات المقبلة التي ستتخذها. وشددت أوساط مجلس الأمن على «ضرورة أن يكون أنان واضحاً في إحاطته لمجلس الامن إذا كان لخطته أن تبقى على قيد الحياة»، وذلك عشية مخاطبته المجلس عبر دائرة تلفزيونية مغلقة عند العاشرة من صباح اليوم بتوقيت نيويورك. وقالت مصادر غربية إن الديبلوماسية الغامضة مفيدة في بعض الحالات لكنها في حالات أخرى مؤذية، «وكلما كان أنان واضحاً كلما استطاع الحفاظ على وحدة دعم مجلس الأمن له، فاللغة التي سيستخدمها في الإحاطة بالغة الأهمية وتأثيرها حاسم، واذا كان واضحاً في لغته سيكون صعباً على روسيا والصين الخروج عن الاجماع، أما اذ تعمد عدم الوضوح فذلك قد يؤدي الى فيتو مزدوج ثالث ستقضي بالتأكيد على خطته». وقال ديبلوماسي في مجلس الأمن إن ما تضمنه الرد السوري على أنان هو رسالة عبرت عن نية النظام السوري، لكن «مرت علينا سلسلة من الأكاذيب والخدع وشتى أساليب التضليل، ولذلك سننتظر حتى السادسة صباحاً بتوقيت دمشق لنرى ان كانت الحكومة السورية قد لبت النقاط الثلاث التي طالب بها المجلس». وكان مجلس الأمن طلب من الحكومة السورية في بيانيه الرئاسيين تطبيق تعهداتها الى أنان بوقف تحركات جنودها ووقف استخدام السلاح الثقيل وإنجاز انسحاب جنودها كاملاً بحلول 10 نيسان. واعتبر المصدر نفسه إن «صدقية النظام السوري تقترب من الصفر، ولم يأت إعلانها إلا بعد وصول عدد الضحايا في سورية الى أكثر من 10 آلاف قتيل، ومع استمرار النظام السوري في استخدام الأسلحة الثقيلة ضد المدنيين لا يمكن لنا أن نكون سعداء مع هذ الوعود». وقال ناطق باسم البعثة البريطانية في نيويورك إن «عدم تقيد نظام الأسد بالتزاماته سيدفعنا الى العودة الى مجلس الأمن». واضاف «رأينا وعوداً مماثلة من الحكومة السورية في السابق لكن وقت الوعود المنكوثة قد انتهى». وشدد على أنه من المهم أن يطبق نظام الأسد التزاماته بوقف تحرك الجنود نحو المراكز السكنية ووقف كل الاستخدام للسلاح الثقيل في هذه المراكز والبدء في سحب التجمعات العسكرية وإنجازه وفق خطة أنان بكاملها». وقال ديبلوماسي في مجلس الأمن إن رسالة أنان الى مجلس الأمن في 10 نيسان ذكرت أن على القوات السورية أن «تجري تغييراً في تمركزها وتنسحب من المدن والبلدات» كدليل على التقيد بالالتزامات. وأضاف أن «رسالة المعلم الى أنان لم تشر الى توجه نحو سحب القوات الحكومية، ما يعني أنهم سيبقون قواتهم حيث هي في حال الحاجة الى الرد المتناسب على الاعتداءات»، وفق ما جاء في رسالة المعلم. وقال «من المهم أن نرى ما يقوله أنان غداً» (اليوم). وبدأ امس وزراء مجموعة الدول الثماني الاقتصادية الكبرى محادثاتهم في واشنطن التي تستمر يومين وينتظر ان يتصدرها بحث الازمة السورية. وكانت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون قالت انها ستناقش خطة انان لوقف العنف في سورية مع نظيرها الروسي سيرغي لافروف على هامش هذه الاجتماعات التي تستمر يومين. ودعا وزير خارجية المانيا غيدو فسترفيلله روسيا الى «النأي بنفسها عن اعمال العنف والقمع التي يشنها الرئيس السوري بشار الاسد ضد المعارضين له». وينتظر ان يتحدث وزير الخارجية التركي احمد دواد اوغلو عبر دائرة تلفزيونية مغلقة الى الوزراء المجتمعين في واشنطن عن موقف بلاده من الازمة السورية بعد التهديدات الاخيرة التي وجهها رئيس الحكومة التركية رجب طيب اردوغان الى دمشق على اثر حادثي اطلاق النار على مخيم للاجئين داخل الاراضي التركية. من جهة اخرى، طالبت موسكو المعارضة السورية بالالتزام بوقف النار صباح غد بعد موافقة الحكومة السورية على ذلك. واعلن نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف، على حسابه على موقع «تويتر»، ان روسيا اخذت علما بموافقة دمشق على وقف عملياتها العسكرية فجر 12 نيسان. «والان بات دور المعارضة المسلحة». وحتى مساء امس كانت العمليات العسكرية للجيش السوري مستمرة في معظم مناطق المواجهات، خصوصاً في الرستن وحمص وحماة ودير الزور ودرعا، الى جانب القصف الذي تعرضت له جبل الاكراد في اللاذقية صباح امس، ما اسفر عن تهدم عدد من المنازل على رؤوس اصحابها، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان. ويتحصن في جبل الاكراد ذات الغالبية الكردية عدد كبير من المنشقين عن القوات النظامية وناشطون معارضون متوارون عن انظار اجهزة الامن. وبعد وقت قصير على الاعلان عن وقف الاعمال العسكرية، تجدد القصف بالمدفعية على الرستن في ريف حمص في محاولة لاقتحامها، كما ذكرت تنسيقية الرستن التي اشارت الى اشتباكات على المدخل الشمالي للمدينة بين قوات النظام وعناصر «الجيش السوري الحر». وقال ناشط في حماة ان «ما لا يقل عن 20 دبابة تتحرك إلى حيي الدباغة والمجايلي في وسط المدينة.» وقدرت مصادر المعارضة عدد القتلى امس باربعين في عمليات قصف واقتحامات ومداهمات واطلاق نار في حي جورة الشياح والخالدية في حمص وفي القصير ودير الزور وافيد عن تعزيزات عسكرية في الزبداني وحرستا وحي برزة في ريف دمشق وبلدة معربة في درعا ومدينة الرقة.