واقع مرير ومستقبل غامض تناقض بين الوظيفة والأمان الوظيفي، القطاع الخاص في مقدم اهتماماته، الربح من دون النظر لموظفيه الذين هم أساس نجاحه، ولكن صاحب رأس المال لا يعلم سوى ما ينقل له من المكلفين من مجلس إدارة ومديرين عاميين، الذين يزيفون الحقائق لمصالحهم الشخصية، ونقل النجاح على رغم الفشل، يصورون الحقائق المؤلمة بباقات ورد وبهرجة وتزوير ومعلومات مغلوطة كي يكون لهم ما يتمنون، وللموظف البسيط أقرب باب خروج، إذا كافح وأبدع نُقد، يفقدون حس التحفيز، هؤلاء المسؤولون يرون أنفسهم من دون الناس، مع أنهم كانوا منهم ولكن الفرص جذابة، ينحصر تفكيرهم على وقت معين لنشر ثقافة «كم بتحط في جيبي». أسلوب الأخذ من دون عطاء قبل المغادرة وكثرة الفضائح، يعاني منهم جمهور الموظفين، ويعاني منهم الفاشل بقوله الحقائق مزيفة، يساندهم موظفون فاشلون أمثالهم يعولون على التميز بالتوصية والسرقة، سرقة المنصب الذي لا يستحقه البعض وسرقة التفضيلات التي تحسب على الغير. أضحك عندما أرى النظريات والتنظير عند البعض والتمثيل والمسلسلات التي يبنيها البعض ليحقق غاية في نفسه، ولكن من دون اجتهاد، يمر على المنشأة التي هو فيها أنواع التسرب بشكل رهيب من دون تحريك ساكن، عقبات تنشر عقبات وتولد عقبات جديدة، حتى أصبحت سمعة بعض المنشآت أسوأ أن يمر عليها بشر، فلا يوجد هناك أي خبايا، فالتواصل والاطلاع و«الانترنت» بسّط كل شيء، أصبحت بعض المنشآت مقر دورات تدريبية، معهداً تدريبياً يُخرِج موظفين فقط، كون البعض يبحث عن وظيفة أفضل، وعندما لا يجد يذهب لهذه المنشآت وهو بحسرة، ولكن البحث عن لقمة العيش ملزم بها، والخبرة الذي يريد أن يكسبها من هذه المنشأة لفترة ما كي يُكوِّن سيرة ذاتية تساعده في الانتقال، ما جعل هذه المنشأة أكبر مُصدر للموظفين وليست من المنشآت المستقطبة، والأسباب أنه من رئيس مجلس إدارتها وأعضائها المبجلين وبعض مديريهم لا يزالون على قيد الحياة، يتنفسون العنصرية وهم أصحاب عقول طوت عليها السنين، فتجد هؤلاء لهم 30 عاماً على مقاعدهم، وظائفهم نفسها، ولم يقدموا أي شيء سوى خسارة الكوادر وخسارة المنشأة والقافلة تسير. عجب أن يكون شخص لديه كرامة ويعلم أنه مخطئ ولا يتخذ القرار الصحيح، ويبتعد ويفسح المجال لجيل جديد، المشكلة أنهم في كل اجتماع يتداولون عن «تسرب الخبرات» ونزوحها لأماكن أخرى من دون حراك، أصبحت أجندة متعارفاً عليها في اجتماعاتهم، فلماذ لا يصححون ما في أنفسهم وتكون لهم كرامة بالتقاعد والجلوس في المنزل، أفضل من أن يكونوا ممن تترد أسماؤهم لدى العامة أن لا خير في هذا ولا ذاك، مع أنهم لو أعادوا النظر في سبب فشل المنشأة في الأعوام السابقة، وبحثوا عن الأسباب، مع اعتقادي، أنهم يعلمون أن هم سبب هذا الفشل، على رغم تعليق تلك المشكلات على الغير كي يطهروا أنفسهم من هذه الأخطاء، أو ينظروا لأنفسهم أنهم على صواب والبقية مخطئة. لا أريد الإطالة، وأعلم أننا نمر بمراحل واقعيه قاتلة نفتقد فيها المسؤول الجريء الذي يحقق رغبات المنشأة والموظفين، وأن يكونوا محفزين لهؤلاء الموظفين لمنشأتهم والمسؤولين لمصالح المنشأة، علماً بأن ما نراه واقعاً مريراً مخالفاً للحقائق ويكون النزوح الوظيفي ملك الموقف. [email protected]