أثارت الكاتبة السعودية ملحة عبدالله موجة من الجدل في مسرحية «العازفة» التي كتبت نصها وعرضت أخيراً على المسرح الوطني بالمغرب، إذ تسببت في غضب المغاربة، نتيجة لما وصفه البعض بالدعوة إلى تحرر الجسد، من خلال ما ظلت تردده بطلة المسرحية طوال العرض «أنتِ حرة وجسدك حر». وسعياً إلى توضيح ما حصل اتجهت «الحياة» إلى الكاتبة السعودية ملحة عبدالله، التي قالت إن العرض «قدّم رؤية مختلفة عن رؤية النص المكتوب، ومن المعروف أنه مشروع للمخرج أن يتفق أو يختلف مع المؤلف، لأنه - أي المخرج - يتناول النص كي يقدم رسالته من خلال نص ما إما بالاتفاق أو بالاختلاف»، مشيرة إلى أنه «لولا تعدد الرؤى لما قُدم موليير وشكسبير وراسين أيضاً». وذكرت في حديثها عن المغربية لطيفة أحرار أنها مخرجة ولها وجهة نظر أعادت بناء النص، «أي أنها قامت بتفكيك النص ثم أعادت تركيبه بما يتناسب مع وجهة نظرها ومقولتها ورسالتها التي تريد توصيلها». وأضافت ملحة عبدالله: «إن ما كتبته من وجهة نظر في مسرحية «العازفة» جاء رد فعل لما شاهدته في معظم المؤتمرات عن المرأة، التي كانت تشارك بها، وكيف وصلت بنا الحال إلى كثير من السخف والشطط في تناول مثل هذه القضايا من دون النظر إلى تكوين المرأة العربية وبيئتها وعاداتها التي تشرف بها، وعلى سبيل المثال مؤتمر عن «صورة المرأة العربية في الإعلام» الذي قدمته «اليونيفيم» بجامعة الدول العربية، وكيف عرضت النتائج عن تشويه صورة المرأة العربية في الإعلام العربي، إذ بدت بدينة وأكولة ونهمة وجنسية وغير ذلك من الصور التي لا تليق وتاريخ المرأة العربية التليد. وبالتالي فالنص يعرض معاناة المرأة وأيضاً لا يتجنى على الرجل، فكلاهما يكمل الآخر». وأشارت، في معرض حديثها عن الفكرة التي قامت عليها المسرحية، إلى أن النص الذي قامت بكتابته يقدم مقولته وهي على رغم زخم الدعوات التحررية للمرأة ودعوات التمييز ومنها دعوات «الجندر» على سبيل المثال، لا تتفق وثقافة المرأة العربية، لأن المرأة العربية لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تحيا من دون الرجل، وعلى رغم قسوة الرجل في هذه المسرحية إلا أنها تحبه ولا تستطيع أن تحيا من دونه، وبالتالي فالصراع في النص يكمن بين حبها له وقسوته عليها وليست قسوته وإنما قسوة المحيط الاجتماعي بما به من موروثات قد لا تتماشى مع الدين أحياناً، فالنص يعرض وجهة نظر ترفض تسليع المرأة لتصبح مادة للإعلام ولشباك التذاكر وللمراهنة على خروجها للعمل بالاستيلاء على راتبها... ألخ. أما ما قدمته لطيفة أحرار في العرض فبني على كلمة جاءت في النص في حوار ورد بين الأم والابنة حين تعظ الأم ابنتها فتقول لها أنتِ حرة وجسدك حر لا تلوثه البصمات المحمومة بعشق النساء، وهذه الجملة جاءت في معرض أن جسد المرأة حر لا يمكن لأحد لمسه أو التجرؤ عليه سوى زوجها، وذلك تأكيداً على كرامة جسد المرأة، وتأكيداً على عدم تشيئته وتسليعه». وقالت ملحة عبدالله إن لطيفة أحرار «اقتطعت هذه الجملة من سياقها وأخذت تكررها طوال العرض بشكل لم يتكرر في النص بهذا الشكل، ففي كل مشهد تصرخ بأعلى صوتها «أنتِ حرة وجسدك حر»، ومن هنا أصبح العرض ينادي بتحرر الجسد في المطلق، مما أثار غضب الناس لأن الكلمة حين نزعت من سياقها ووضعت في سياقات أخرى أعطت مفهوماً آخر في ما أرى». وحول رأيها في ما قامت به مخرجة العمل، أوضحت أن لطيفة أحرار «مخرجة مميزة، ولها كامل الحق في تناول وجهة النظر الخاصة بها كما يقتضيه قانون الإخراج الأكاديمي. ونحن كنقاد حينما نتناول عرضاً بالتحليل والتفسير لا بد من قراءة النص ثم قراءة العرض، ثم إبداء الرأي كما يقتضيه النقد الأكاديمي، أما من دون ذلك فهو نقد انطباعي لا يحمل معياراً نقدياً».