باماكو، باريس – رويترز، أ ف ب، أ ب - بدأ سكان مالي يستشعرون وطأة العقوبات التي فرضتها دول غرب أفريقيا على بلادهم غداة الانقلاب العسكري الذي أطاح حكم الرئيس الرئيس امادو توماني توري، فيما اتسعت رقعة الانفلات الأمني شمال البلاد وصولاً الى وسطها حيث تحدثت باريس عن «تحركات» للمتمردين حول مدينة موبتي الى الجنوب من تومبوكتو التي سقطت بأيدي مجموعات من الطوارق والإسلاميين. وسجل انتشار مجموعات مسلحة في شمال مالي، بينها «الحركة الوطنية لتحرير ازواد» (طوارقية انفصالية) و «جماعة أنصار الدين» (طوارقية متشددة)، إضافة الى مسلحين تابعين ل «تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» الذي أفادت مصادر أمنية بأن أحد قادته (الجزائري) مختار بلمختار انتقل الى شمال مالي آتياً من ليبيا حيث تمكن من شراء أسلحة. وتصف الاستخبارات الفرنسية بلمختار الملقب ب «الأعور» (فقد إحدى عينيه في أفغانستان) بأنه «الشخص الذي لا يمكن اعتقاله». ويبدو أن قادة المتمردين في شمال مالي ومعظمهم عادوا من ليبيا حيث قاتلوا الى جانب كتائب معمر القذافي، سارعوا الى تنازع السيطرة على المناطق المهمة. اذ سيطرت «جماعة انصار الدين» على منطقة كيدال مسقط رأس محمد اغ غالي الملقب ب «الشيخ» وهو رئيس المكتب السياسي ل «الحركة الوطنية لتحرير ازواد»، فيما رصد انتشار ل «تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي» في مدينة تومبوكتو. وأفيد بأن «أنصار الدين» طردوا مسلحي «الحركة الوطنية لتحرير ازواد» من المدينة التاريخية، ما اوحى بانشقاق داخل الحركة بين اغ غالي وأمينها العام بلال اغ الشريف. كذلك رصد انتشار لمجموعات مسلحة من المهربين وقطاع الطرق. ولم تستبعد مصادر أمنية اقليمية نشوب صراعات بين هذه الجماعات نظراً الى اختلاف اجنداتها. فحركات الطوارق الانفصالية تسعى الى اقامة دولة مستقلة لها في شمال البلاد، في حين تطمح الحركات المتشددة الى «اقامة الشريعة» وتوسيع نفوذها. وفي هذا الاطار، كشفت المصادر ذاتها ان عدداً من عناصر جماعة «بوكو حرام» متواجد في مناطق سيطرة المتشددين شمال مالي. وأكد وزير التعاون الفرنسي هنري دي رانكور أمس، أن «تحركات» للمتمردين الطوارق وحلفائهم سجلت حول مدينة موبتي وسط مالي، ما يوحي بأن المتمردين قد يسعون الى التمدد جنوباً. وقال الوزير رداً على سؤال لإذاعة فرنسا الدولية عن إمكان سقوط مدن أخرى تحت سيطرة الطوارق، أن «هناك معلومات تشير الى احتمال حدوث تحركات للمتمردين». في العاصمة باماكو، بدأ السكان بتخزين الوقود في ظل العقوبات التي فرضتها المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (ايكواس) على البلاد، بهدف الضغط على الانقلابيين العسكريين للعودة الى ثكنهم. تزامن ذلك مع إغلاق الدول المجاورة حدودها مع مالي التي لا تملك موانىء، فيما جمدت أرصدة باماكو في المصرف المركزي لمنطقة الفرنك في غرب أفريقيا. وتستورد باماكو معظم الوقود من ساحل العاج، ومن شأن الحظر التجاري ان يخنق خلال أيام اقتصاد مالي التي تعتبر ثالث اكبر دولة أفريقية منتجة للذهب. وبعدما تعهد الكابتن امادو سانوغو قائد الانقلاب العسكري إعادة العمل بالدستور وإعادة مؤسسات الدولة تمهيداً لاجراء انتخابات، بث التلفزيون الرسمي بياناً طلب من «المواطنين الهدوء»، مشيراً الى أن الأولوية هي لمحاربة التمرد في الشمال. وفي أديس ابابا، أعلن رمضان العمامرة مفوض السلم والأمن في الاتحاد الافريقي فرض عقوبات تستهدف زعماء الفصائل المسلحة التي تخوض قتالا في شمال مالي، وذلك بعد قليل من فرض حظر سفر على الحكام العسكريين في البلاد وتجميد ارصدتهم. وقال العمامرة، عقب اجتماع في العاصمة الاثيوبية،إن الاتحاد الافريقي «قرر ايضا فرض عقوبات فردية... على زعماء واعضاء الجماعات المسلحة في شمال مالي من الضالعين في هجمات في المنطقة وايضا في فظائع ضد السكان المدنيين». واكد ان المتمردين في شمال البلاد يتعاونون مع شبكات اجرامية عابرة للحدود. وطلب من بلدان المنطقة تقديم قائمة وافية بأسماء الافراد ممن يتعين ان تشملهم الاجراءات العقابية.