بينما تنشغل القوى الليبرالية في مصر بمعركتها مع جماعة «الإخوان المسلمين»، صاحبة الأكثرية النيابية، في شأن وضع الدستور الجديد للبلاد، بدا أن التيار الإسلامي يستعد بقوة لحسم معركة الرئاسة لمصلحته، ما يُظهر أن الاصطفاف بين الإسلاميين والليبراليين سيستمر حتى الى ما بعد الانتخابات الرئاسية المقررة أواخر أيار (مايو) المقبل. ومجدداً يُثبت الإسلاميون قدرتهم على حشد آلاف الانصار، إذ جذب المرشح السلفي حازم صلاح أبو إسماعيل آلافاً من أنصاره خلال تقديمه أوراق ترشحه في الانتخابات الرئاسية في القاهرة، ما بدا «عرضاً للقوة» قبل الدخول في المعترك الانتخابي. وكان القيادي السابق في جماعة «الإخوان المسلمين» عبدالمنعم أبو الفتوح تقدم أول من أمس بأوراق ترشحه في حضور المئات من أنصاره هو الآخر. ويأتي ذلك في وقت لا تزال جماعة «الإخوان المسلمين» تُمسك بالعصا من المنتصف في قضية الدفع بأحد أعضائها إلى حلبة المنافسة على الرئاسة، بعدما كانت قد وعدت في السابق بعدم خوض الانتخابات بمرشح رسمي يمثّلها. واختار المرشح السلفي أبو إسماعيل أن تنطلق مسيرته إلى مقر اللجنة العليا للانتخابات في ضاحية مصر الجديدة (شرق القاهرة) من مسجد أسد ابن الفرات في حي الدقي بعد صلاة الجمعة، وهو المسجد الذي دأب القيادي الإسلامي على عقد مؤتمراته الانتخابية فيه. واصطف عشرات الآلاف من أنصاره على مسافة نحو 17 كيلومتراً بين المسجد ومقر اللجنة مرتدين أوشحة كُتب عليها «حازم أبو إسماعيل... رئيساً لمصر.. سنحيا كراما»، ما تسبب في اختناقات مرورية في ميادين عدة رغم أن يوم الجمعة عادة ما يشهد سيولة مرورية باعتباره عطلة أسبوعية. وبدا التجمع كأنه «مهرجان كرنفالي» في شوارع القاهرة، فما أن يمر الشيخ حازم أمام أي تجمع من أنصاره في الميادين الشهيرة إلا ويعج بالهتافات المؤيدة له. ومن جانبها قررت جماعة «الإخوان المسلمين» تبكير اجتماع مجلس الشورى الذي كان مقرراً الثلثاء، ليُعقد اليوم السبت، في مسعى منها لحسم الخلافات الداخلية حول قضيتي الدستور وتقديم مرشح للرئاسة، وأفيد أن مجلس الشورى سيبحث في ما توصلت إليه قيادات الجماعة من توافقات مع جنرالات الجيش سواء من خلال اجتماع المشير محمد طنطاوي مع القوى السياسية، والذي حضره رئيس حزب «الحرية والعدالة» محمد مرسي (حزب «الإخوان»)، أو عبر اتصالات لم تتوقف يقوم بها وسطاء لمحاولة تفادي الصدام بين الجانبين. وقال الناطق باسم جماعة «الإخوان» الدكتور محمود غزلان ل «الحياة» إن قضية طرح مرشح من الجماعة لانتخابات الرئاسة ستفرض نفسها على اجتماع مجلس الشورى، لكنه رفض تحديد ما إذا كان الأمر سيُحسم في اجتماع اليوم أو إلى اجتماع لاحق. ونفى غزلان ضغط المجلس العسكري على الجماعة لعدم طرح مرشح رئاسي. وقال: «هم لا يملكون أن يضغطوا علينا، ونحن لا نقبل الضغوط». وأوضح أن الاحتمالات كلها واردة في ما يخص طرح مرشح رئاسي أو دعم أحد المرشحين من خارج الجماعة.