انتقلت وزارة الداخلية المغربية إلى خط المواجهة مع حزب «العدالة والتنمية» الإسلامي، على خلفية انتقاداته «ضغوطاً» استُخدمت لاستمالة ناخبين كبار في اختيار رؤساء بلديات وعمدة مدن، وجاء في بيان للداخلية صدر عقب المواجهات التي عرفها اجتماع لجنة الداخلية في مجلس النواب أن السلطات تعاطت مع الاستحقاقات الانتخابية «بجدية وصرامة» في إطار مسؤولياتها، واصفاً اتهامات الحزب الإسلامي ضد بعض أعوان السلطة بالتحيّز والضغط أنها «عارية من الصحة». وذهب بيان الداخلية إلى انتقاد تعابير لفظية استخدمها قياديو «العدالة والتنمية» ضد خصوم سياسيين، خصوصاً حزب «الأصالة والمعاصرة»، بأن «لا علاقة لها بالانتخابات والمنافسات»، كما في وصف الوزير السابق المنتدب في الداخلية فؤاد عالي الهمة ب «الإرهاب والتهديد وذبح الديموقراطية» في محاولة صنّفها البيان بأنها تندرج في سياق «إظهار الحزب الإسلامي في موقع الضحية لكسب التعاطف»، مشيراً الى أن المعطيات المتوافرة لدى السلطات تفيد بأن «العدالة والتنمية» عمل على «تعكير الجو الطبيعي والعادي للاستحقاقات الأخيرة في مدن عدة»، في إشارة إلى تناحرات برزت في اختيار عمدة مدن ورؤساء بلديات. واللافت أن بيان الداخلية يأتي في الوقت الذي قرر فيه حزب «الأصالة والمعاصرة» الاحتكام إلى القضاء ضد زعيم «العدالة والتنمية» عبدالإله بن كيران الذي كان وصف الوزير السابق المنتدب في الداخلية ب «الإرهاب» وممارسة الضغوط بدعم من أعوان السلطة لتمكين حزبه، «الأصالة والمعاصرة»، من حيازة مناصب رؤساء بلديات. غير أن رئيس الكتلة النيابية ل «العدالة والتنمية» المحامي مصطفى الرميد طالب بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق في «خروقات شابت الاستحقاقات الأخيرة» وشملت «إرهاب المستشارين والاعتداء عليهم من طرف أجهزة الأمن». وقدم مثالاً لذلك ما حدث في مدينة وجدة على الحدود الشرقية مع الجزائر، وقال الرميد إن المغرب «أخطأ الموعد مع انتخابات نزيهة». وتعود وقائع الانتقادات إلى صدور تصريحات عن مستشارة اتهمت السلطات بأنها ضغطت على مرشحين للحؤول دون أن تؤول رئاسة بلدية وجدة إلى الإسلاميين. ونُقل عنها القول في وقت سابق إنها سمعت من مسؤولين كلاماً يفيد بأن المراجع الرسمية لا ترغب في استئثار الإسلاميين ببلدية المدينة. غير أن المستشارة فدوى المنوني التي استند قياديون في «العدالة والتنمية» إلى افاداتها، تنكّرت لما صدر عنها، واتهمت منتسبين إلى الحزب الإسلامي بأنهم وعدوها برشاً تفيد منها وبعض أفراد أسرتها. وجاء ذلك عقب قرار طردها من حزب «الحركة الشعبية» الذي ترشحت عنه. بيد أن محكمة إدارية في مراكش أقرت بوجود تجاوزات في انتخابات إحدى البلديات على اثر طعون قدّمها مرشحون متنافسون في بلدية «المنارة» ما بات يهدد بإطاحة عمدة مراكش السيدة فاطمة الزهراء المنصوري المنتسبة إلى «الأصالة والمعاصرة»، كونها استندت في حيازة عمدة المدينة على فوزها بمقعد في بلدية المنارة. وسبق للسلطات أن اعتقلت رئيس بلدية في الرباط نتيجة متابعات قضائية، وبذلك أُضيفت إشكالات عمدة مراكش إلى تعليق بلدية في الرباط فيما لا تزال طعون أخرى تنتظر حسم القضاء. لكنها المرة الأولى التي قد تحتم معاودة النظر في استحقاقات بلدية جزئية، لكن مصادر في «الأصالة والمعاصرة» قللت من تداعيات الموقف، وقالت «الحياة» أمس إن السيدة المنصوري حازت على ثقة التحالف الانتخابي. من جهته، عبّر زعيم «الاتحاد الاشتراكي» وزير العدل عبدالواحد الراضي الذي تحالف حزبه مع «العدالة والتنمية» في انتخابات رؤساء بلديات، في مقدمهم عمدة الرباط وعمدة أغادير، عن أسفه لاستمرار استخدام الأموال في التأثير على الناخبين، وقال في اجتماع ضم قيادة الاشتراكي ورؤساء بلديات: «نأسف لما شاب العملية الانتخابية الأخيرة من استخدام وسائل لا علاقة لها بالأخلاق والقيم والقانون».