للأسف نحن لا نستمتع بالقطارات في السعودية، وعلاقتنا بها مرتبطة بالسفريات الخارجية حين نزور دولاً أخرى أو حينما نراه في الأفلام التلفزيونية، أما غير ذلك فعدد قليل هم من يعرفون «القطار السعودي». والقطارات كثيرة ومختلفة ومتنوعة، فهناك قطار من الممكن أن ينقلك من جدة إلى الرياض في أقل من ثلاث ساعات، وهناك قطار الزواج الذي ينتظره الكثيرون، لكنه يتجاوزهم.. وهناك أيضاً قطار الرياضة العالمي الذي بدأ رحلته منذ أكثر 100 عام وقف خلالها في الكثير من المحطات، فنزل البعض منه، وحل مكانهم كثيرون أكملوا الرحلة. الملاحظ في قطار الرياضة العالمي هو أن المقصورة الرئيسية محجوزة بالكامل لأبناء القارة العجوز «الأوروبيين»، فمنذ بداية الرحلة، وهم متمسكون بمقاعدهم ولن يتركوها بسهولة «وهذه من عاداتهم»، والسبب في استمرارهم في هذه المكانة (المقصورة) لفترة طويلة تعاملهم مع الرياضة عموماً، وكرة القدم خصوصاً بالطريقة المثلى، فوضعوا نصب أعينهم أهدافاً واضحة وخططوا لها بروية فاتضحت أمامهم الصورة بشكل جلي، وهو ما أسهم في نجاحهم في تنفيذ الخطط، وجعلهم يوفقون في تحويل الرياضة إلى صناعة أضحت واحدة من أهم الصناعات في الاقتصاد الأوروبي، فاستفادوا مادياً واجتماعياً وسياسياً ورياضياً، وما زالوا يؤمنون بدور الرياضة في تنمية المجتمعات. أما العربة التالية في قطار الرياضة العالمي فهي محجوزة للدول التي أدركت القيمة الحقيقية من الاستثمار في الشباب الرياضي، فانطلقت في خطواتها تجاه تطوير هذه الصناعة وما زالت تسير في هذا الاتجاه وستصل طالما أنها تخطط وتعمل وتنفذ، فالبرازيل والأرجنتين على سبيل المثال رزقهم الله بشبان موهوبين ومع أنهم دول فقيرة لم يغفلوا دور الرياضة في تنمية مجتمعاتهم، ففتحوا المجال للخبرات الأجنبية واستفادوا من تجارب من سبقوهم وتعاونوا مع الجميع ليحققوا أهدافهم، التي تتمثل في دعم مواهب الشبان وتحويل الرياضة إلى صناعة، وهم يسيرون في الاتجاه الصحيح. العربة الأخيرة في قطار الرياضة العالمي وبالمناسبة هي العربة الأكبر، وهي ذات مقاعد غير مستقره يتغير فيها الركاب من فينة إلى أخرى، ففي هذه العربة هناك دول تملك الإمكانات والأدوات، ولكنها لا تملك الخبرة والطرق العلمية لأخذ الخطوات الأولى السليمة، ولذلك فإن هذه الدول لا تستطيع الثبات في هذه العربة لأن من يعمل بلا تخطيط من الطبيعي انه لن يحافظ على مكتسباته، وفي هذه العربة دول تمتلك أدوات أقل وتجلس في صفوف متقدمة عن غيرها لا بسبب إمكاناتها وقدراتها، بل لسوء تخطيط أصحاب الفئة الأولى الذين من الممكن أن يكونوا وبسهولة في موقع أفضل وأكثر تقدماً. قطار الرياضة العالمي لن ينتظر أحداً، وسيكمل رحلته بسرعة متصاعدة وتتزايد يوماً بعد آخر، والمشكلات أن يبتعد كثيراً عن أولئك الذين لم يصعدوا بعد إلى هذا القطار، الذين يتوجب عليهم إن أرادوا أن لا يفوتهم «القطار» أن يسارعوا بقطع تذكرة، وعليهم بالطبع التوجه مباشرة وبأسرع ما يمكن نحو شباك «الخصخصة». [email protected] turkialibrahim@