لم تستبعد جماعة «الإخوان المسلمين» في مصر دعم أحد المرشحين المحتملين للرئاسة الذين أعلنوا ترشحهم حتى الآن، في حال فشلت اتصالات تجريها مع شخصيات أخرى لحضها على المنافسة على المنصب. ونفت تقارير عن اتفاقها مع المجلس العسكري الحاكم على دعم الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي «مرشحاً توافقياً» للرئاسة، مؤكدة أنها لم تتصل به. واستبق حزب «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية للجماعة، فوزه بأكثرية مقاعد مجلس الشورى (الغرفة الثانية من البرلمان) بالتأكيد على ضرورة مراعاة عنصر «الحسم» في تشكيل لجنة المئة التي سيوكل لها وضع الدستور الجديد حتى لا تُعطل العملية السياسية. وأظهرت المؤشرات النهائية لنتائج انتخابات الجولة الأولى من المرحلة الثانية والأخيرة في انتخابات الشورى تصدر «الحرية والعدالة» يليه حزب «النور» السلفي نتائج القوائم الحزبية، ثم حزب «الوفد» وحل تحالف «الكتلة المصرية» رابعاً. ويخوض مرشحو «الحرية والعدالة» و «النور» جولة الإعادة على غالبية المقاعد الفردية المقررة الأربعاء المقبل بعد أن عجز معظم المرشحين عن حسم المقعد من الجولة الأولى. ويعقد مجلس الشورى أول اجتماع له في 28 شباط (فبراير) الجاري ثم يعقد البرلمان بغرفتيه الجلسة المشتركة في 4 آذار (مارس) المقبل لاختيار اللجنة التأسيسية لوضع الدستور الجديد، وهو الأمر الذي يتوقع أن يثير صداماً بين القوى الإسلامية المسيطرة على البرلمان بغرفتيه والقوى الليبرالية واليسارية التي تمثل أقلية وتسعى إلى تمثيل قوى في اللجنة. وقال نائب رئيس «الحرية والعدالة» رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان عصام العريان ل «الحياة»، إن رئيس البرلمان سعد الكتاتني «سيعرض في الجلسة المشتركة رؤية وتصوراً لإجراءات تشكيل هذه اللجنة، وسيناقش البرلمان هذا التصور ولو أن هناك مقترحات أخرى ستناقش أيضاً»، مشيراً إلى أن «اللجنة ستشكل من داخل البرلمان وخارجه، والنواب المنتخبون سيحددون عدد المشاركين من الداخل والخارج». وأوضح أن «اللجنة ستراعي تمثيل كل الكتل البرلمانية والمستقلين أيضاً». وأضاف أن «الكتلة البرلمانية ذات الوزن النسبي الصغير في البرلمان قد يُسمح لها بترشيح عدد كبير من الشخصيات العامة من خارج البرلمان لتعويض ضعف تمثيل نوابها في اللجنة... الكتل الصغيرة ترشح مثلاً ثلاثة أضعاف عدد ممثليها في اللجنة والبرلمان يختار من هؤلاء المرشحين». وعن كيفية تمثيل الكتل البرلمانية في اللجنة، قال العريان: «ستغلب الرؤى التوافقية قطعاً، لكن يجب أن تتمتع اللجنة بالقدرة على الحسم، فلا يوجد إجماع على شيء، ومن ثم يجب تمكين اللجنة من إمكان حسم القضايا الخلافية كي ينتهي وضع الدستور في وقت معقول، فإن ظللنا نتجادل في كل شيء لن ننتهي». إلى ذلك، نفى العريان ما يتردد عن مناقشة «الحرية والعدالة» دعم الأمين العام للجامعة العربية للترشح للرئاسة، وقال إن التسريبات الإعلامية في هذا الصدد «عارية تماماً عن الصحة». وأضاف: «هذه التسريبات سياسية بالأساس... لم نستقر على شيء بخصوص الرئاسة، لكن الحديث عن مناقشة العربي في هذا الأمر مغلوط». من جانبه، نفى الناطق باسم الجماعة محمود غزلان مناقشة الجماعة دعم العربي، وقال ل «الحياة»: «نبحث عن شخص تتوافر فيه شروط عدة، ونقترح في مؤسسات الجماعة أسماء، ونحاول الاتصال بها وننتظر الردود، وإن وصلنا إلى شيء سنعلنه، وإن لم نصل إلى نتيجة سندعم أحد المرشحين المحتملين للرئاسة بعد قراءة برامجهم... إن لم نجد غيرهم سندعم أحدهم». وكانت جماعة «الإخوان» أعلنت أنها لن تدعم أياً من المرشحين المحتملين حالياً، غير أن غزلان أوضح أن «الجماعة كانت في حالة تراخٍ في شأن هذا الموضوع، لكن الوقت داهمنا فبدأنا نفكر بسرعة للوصول إلى شخص تنطبق عليه شروطنا لشغل هذا المنصب، وإن لم يحصل سندعم أفضل المرشحين المحتملين بعد قراءة برامجهم». وأشار إلى أن «هذه الشروط تتلخص في الوطنية والكفاءة وأن يحترم الفكرة الإسلامية ويلتزم بها وألا يكون له علاقة بالنظام السابق، بمعنى ألا يكون تورط في فساد النظام وأن يكون مدنياً». وأضاف أن «هناك مجموعة أسماء مطروحة على مؤسسات الجماعة نحاول أن نوازن بينها لنتصل بها وليس من بينهم الدكتور نبيل العربي». من جهة أخرى، شهد ميدان التحرير في قلب القاهرة أمس هدوءاً، إذ لم يشهد تظاهرات حاشدة كعادته واقتصر الأمر على مئات المعتصمين الذين ظلوا يرددون هتافات مناوئة للحكم العسكري ونظموا مسيرة توجهت إلى السفارة السورية القريبة من الميدان ونددوا ب «جرائم» النظام السوري ضد المتظاهرين. ونظم مئات المصلين في الجامع الأزهر وقفة احتجاجية عقب صلاة الجمعة، «للمطالبة بكسر الحصار عن القدس واستنكار ممارسات إسرائيل التعسفية ضد الفلسطينين وأعمال الحصار التي تمارسها ضدهم». وطالبوا بقطع العلاقات الديبلوماسية مع إسرائيل احتجاجاً على إجراءاتها التعسفية ضد الفلسطينيين، كما أعربوا عن دعمهم الشعب السوري ضد ما يواجهه من أعمال قمع وقتل، مطالبين بتفعيل المقاطعة العربية للنظام السوري ودعم المعارضة. على صعيد آخر، أكدت «حركة 6 إبريل» أن سلوك حكومة كمال الجنزوري والمجلس العسكري إزاء الحركة «لا يختلف مطلقاً» عما كان يحدث أيام الرئيس المخلوع حسني مبارك، مشيرة إلى أن «العسكر والجنزوري لم يكتفيا بتشويه الحركة، وإنما عادت الحكومة لاعتقال أعضائها وتعذيبهم في السجون وأماكن الاحتجاز». وطالبت «بسرعة الإفراج عن عضو الحركة جورج رمزي نخلة، وكل المعتقلين، حتى لا تحدث توترات جديدة». وقالت في بيان: «لن نقف مكتوفي الأيدى أمام معاملة الناشطين السياسيين بهذه الطريقة». ودانت اعتقال نخلة وأكدت أنه «اشترك فى جميع مبادرات وقف العنف بين الشرطة والمتظاهرين في الاشتباكات الأخيرة مع العديد من أعضاء البرلمان، وتم اعتقاله في 6 شباط (فبراير) الجاري، وتم تعذيبه بوحشية شديدة أصابته بحالة إعياء شديدة ومضاعفات كثيرة». وأضافت أنه «تم اتهام نخلة بتهم غريبة، مثل تخريب المنشآت، والتعدي على وزارة الداخلية التي كان بعيداً منها بمسافة كبيرة، وتم حبسه 4 أيام، ثم 15 يوماً»، مشيرة إلى أن «محقق النيابة رفض إثبات الإصابات الموجودة فيه رغم وضوحها، ورفض أيضاً تحويله إلى الطب الشرعي أو علاجه في مستشفى السجن».