تأكدت أمس سيطرة التيار الإسلامي في مصر على الجمعية التأسيسية التي سيوكل لها وضع الدستور الجديد للبلاد، بعدما أقرَّ البرلمان خلال اجتماع مشترك لغرفتيه مجلسي الشعب والشورى، تشكيل لجنة إعداد الدستور مناصفة بين النواب وغيرهم. وظهر انسجام واضح وتنسيق رفيع المستوى بين حزبي «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية ل «الإخوان المسلمين»، وبين «النور» السلفي، في إدارة دفة الأمور لمصلحتهما. ورفع «الحرية والعدالة» نسبة عضوية اللجنة من داخل البرلمان من 40 في المئة، مثلما كان يقترح، إلى 50 في المئة، في مسعى منه إلى الاقتراب مما اقترحه «النور»، الذي استجاب هو الآخر للمبادرة وخفَّض من النسبة التي كان يقترحها ب 70 في المئة. وانتقدت القوى الليبرالية واليسارية محاولات الإسلاميين السيطرة على وضع الدستور، وقال النائب عن «الحزب المصري الديموقراطي الاجتماعي» عماد جاد ل «الحياة»: «اتضح لدينا أن هناك تنسيقاً بين النور والحرية والعدالة، وهو مؤشر يثير علامات الاستفهام». ولاحظ أن التشكيل سيتيح للإسلاميين إحكام سيطرتهم على اختيارات لجنة الدستور عندما يتم انتخاب أعضائها «فيصوِّتون لمصلحة من يرونه قريباً منهم، ويُسقِطون معارضيهم في الرأي». وفَسَّر القيادي في «الحرية والعدالة» علي عبدالفتاح ل «الحياة»، توجُّهَ حزبه إلى التيار السلفي على حساب القوى المدنية، ب «محاولة الوصول إلى نسبة وسطية بين جميع الاقتراحات»، مشيراً إلى أن «القوى الليبرالية كانت تتمسك بأقل نسبة لمشاركة النواب في لجنة الدستور، فيما كانت القوى الإسلامية الأخرى ترى ضرورة أن يسيطر أعضاء البرلمان على اللجنة». وأقر بحصول تنسيق بين «الإخوان» والسلفيين، واعتبر أن «الليبراليين انقلبوا على نتائج الديموقراطية... وكانوا يتمسكون بعدم تمثيل البرلمان داخل اللجنة، حتى لو كنا قدَّمنا بعض التنازلات ما كنا تمكنا من استقطابهم، لذلك آثرنا ألا نخسر القوى الأخرى في البرلمان»، في إشارة إلى التيار السلفي. وكانت الجلسة المشتركة لغرفتي البرلمان (الشعب والشورى) ناقشت أمس تشكيل لجنة الدستور التي تضم مئة عضو، ومن المفترض أن يتم انتخاب أعضائها السبت المقبل. واقترع الأعضاء في الاجتماع المشترك الذي عُقِد في قاعة المؤتمرات في حي مدينة نصر شرق القاهرة على ثلاثة اقتراحات، أحدها أن يكون تشكيل الجمعية التأسيسية من خارج المجلسين بالكامل، والثاني أن يكونوا من أعضاء البرلمان، والثالث أن يكونوا من داخل البرلمان وخارجه. بعدها، أعلن رئيس مجلس الشعب سعد الكتاتني نتائج الاقتراع الداخلي، مشيراً إلى أن عدد الذين أدلوا بأصواتهم 590 من أصل 676. وأضاف أن اقتراح تشكيل الجمعية التأسيسية بالكامل من خارج البرلمان حصل على 14 صوتاً، بينما حصل اقتراح ضم 10 في المئة من النواب على صوتين، وحصل اقتراح ضم 20 في المئة من النواب على سبعة أصوات، واقتراح 30 في المئة من البرلمان على 71 صوتاً، و40 في المئة من البرلمان على 12 صوتاً، واقتراح المناصفة على 472 صوتاً، وثلاثة أصوات لاقتراحي 60 في المئة و70 في المئة من البرلمان، ولم يحصل اقتراحا 80 في المئة و90 من داخل البرلمان على شيء، فيما صوت نائب واحد لاقتراح تشكيل اللجنة بالكامل من النواب». من جانبه، اعتبر النائب عن تحالف «الثورة مستمرة» مصطفى الجندي أن «المعيار الأساس سيكون هو رأي الشعب لدى الاستفتاء على الدستور بغض النظر عن عضوية اللجنة. إذا رفض الشعب الدستور المقترح، فإن هذا يدل على أن التوجه كان خطأ، وسيتم هدم هذه الخطوات كافة وكأنها لم تكن، أما لو وافق الشعب فهذا سيكون اختياره نحو المستقبل لأن الدستور يضع الأساس لكل أركان الدولة». من جهة أخرى، أكد نائب رئيس «الحرية والعدالة» رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان عصام العريان، أنه «تم توزيع استبيان رأي على أعضاء الهيئة البرلمانية للحزب لترشيح أعضاء الجمعية التأسيسية للدستور، ومن المقرر عقد اجتماع طارئ الأسبوع المقبل لاستكمال مناقشة إجراءات الجمعية التأسيسية».