فيما كشف عدد من المهندسات المدنيات بعض الممارسات السلبية وأساليب التلاعب المتباينة لبعض العاملين في المكاتب الهندسية ومديري المشاريع أو طاقمهم، باستخدام مواد بناء متواضعة الجودة غير متفق عليها، أو سلب كميات من قيمة المواد الداخلة في البناء، وغيرها، طالبت أخريات هيئة المهندسين السعوديين بالتخلص من الازدواجية والتعجيز في منح تراخيص مزاولة المهنة وفتح المكاتب الهندسية. وقالت إحدى خريجات الهندسة المدنية (تحتفظ «الحياة» باسمها): «تقدمت للعمل في أحد المكاتب الهندسية، وخضعت على إثرها إلى فترة تدريبية لا تقل عن ثلاثة أشهر في مقابل 2500 ريال شهرياً، بعد ذلك أسند إليّ قسم حساب الكميات الذي يقتضي تحديد نسبة وكمية مواد البناء التي تحتاجها المنشأة، أعد على أساس ذلك فاتورة بطبيعة المصاريف المفترضة لكل صنف والتوقيع على ذلك، ولكن فوجئت أثناء قيامي بزيارة ميدانية اختيارية لموقع المنشأة، أن أعداد الأصناف وشحنة الكميات الفعلية في الموقع لا تتطابق مع الأرقام التي وقّعت عليها، بل هي أقل بكثير من المدرج في قائمة الكميات». وأضافت: «عند استفساري من مدير المشروع عن السبب، ذكر أن الكمية الباقية ستأتي لاحقاً، في حين كان رد عمال البناء لي أنهم يطبقون تعليمات المهندس الذي فرض عليهم استهلاك 35 كيساً من الأسمنت، ما اضطرهم إلى خلط الأسمنت مع نسبة مضاعفة من الرمل فضلاً عن الكمية المعقولة، وكان نتيجة حرصي على فضح ألاعيبهم أمام مالك المكتب أن حصلت على ورقة إنذار نهائي من مدير المشروع الذي ينتمي إلى جنسية عربية، محاولة لردعي عن التمسّك بمبادئي وقيمي، ما دفعني إلى تقديم استقالتي بعد ثمانية أشهر على رغم أن راتبي لم يكن يقل عن سبعة آلاف ريال». وأشارت خريجة كلية الهندسة (م ع) إلى أنها استاءت كثيراً جراء عدم اكتراث هيئة المهندسين بمنحها ترخيص مزاولة المهنة بمسمى مهندسة، على رغم أن الجهة نفسها تمنح الترخيص لنظيراتها في كل من المنطقتين الغربية والشرقية، أما المهندسة لمياء السميح، فتقول: «على رغم أن من حقي الحصول على ترخيص عمل بمسمى مهندسة بعد مزاولتي المهنة بسنة أو اثنتين، إلا أن الهيئة تعنتت في ذلك باشتراطها مدة لا تقل عن خمس سنوات، أما عن فتح مكتب هندسي فإنها لم تتأخر في تعجيز تحقيق طموح المهندسات أمثالي وتوظيف قدراتهن باشتراطها منح صلاحية فتحه بعد مضي ثماني سنوات من الممارسة». من جهته، ذكر الأمين العام لهيئة المهندسين السعوديين الدكتور إبراهيم الجضعي أن الهيئة تسجل جميع المهندسين والمهندسات الحاصلين على درجة البكالوريوس في الهندسة من الجامعات المعترف بها، وتصدر لهم شهادات بذلك في أية منطقة من مناطق المملكة، ومعايير الهيئة موحّدة سواء في منطقة الرياض أو غيرها، لافتاً إلى أن فتح مكتب هندسي يخضع لشروط ومعايير وضعتها الهيئة بالتنسيق مع وزارة التجارة والصناعة وبمشاركة متخصصين، وأنها تطبّق بشكل متساوٍ، منها أن يكون المتقدم لطلب الترخيص حاصلاً على درجة مهندس مشارك، وأن هذه المعايير تتم مراجعتها وتحديثها دورياً. وعن الآلية التي تتبعها الهيئة في حال وجود مخالفات أياً كانت إنشائية أو تتعلق بقصور في مكتب أو مهندس بعينه، أشار إلى أن هناك لائحة للجزاءات والمخالفات تختص بمزاولة مهنة الهندسة، تطبق على كل مخالف، كما أن هناك مركزاً للتحكيم تابعاً للهيئة يفصل بين المتخاصمين في الجوانب الهندسية، إضافة إلى أن الهيئة ترفع للجهات المختصة بما توصلت إليه، أما بخصوص الفصل التعسفي لبعض المهندسين، فإن الهيئة لا ترضى بذلك، وتبذل قصارى جهدها في منعه إذا تأكدت لديها صحة الدعوى، علماً بأن مكتب العمل هو جهة الاختصاص في مثل هذه الأمور. وفي ما يخص الجهود التي تبذلها الهيئة للمهندسين، أضاف أن الهيئة تشارك في اجتماعات هيئة الخبراء بمواضيع مهنية مختلفة لوضع نظام مزاولة المهن الهندسية، إذ تم التوقيع على محضر التوصية باعتماد نظام مزاولة المهن الهندسية، إضافة إلى وضع تنظيم اللجنة الوطنية لتقنين أعمال التشغيل والصيانة، كما طلبت الهيئة من الجهات الحكومية اعتماد الدرجات المهنية أساساً في قبول العمل الهندسي للمهندسين الذين يقدمون خدماتهم لها، لافتاً إلى أنها شكّلت لجنة خاصة بتصنيف المكاتب والشركات الهندسية الاستشارية بالتنسيق مع وزارة الشؤون البلدية والقروية ووزارة التجارة والصناعة.