إذا كان صحيحاً ما نشرته صحيفة «الوئام» الإلكترونية نقلاً عن عضو سابق في مجلس القصيم البلدي، فهو دليل على أن مصباح علاء الدين متوفر لدينا دون علم أكثريتنا، قال الخبر إن مواطناً في القصيم منح أرضاً لأن «نفسه فيها» أي له رغبة قوية في تلك القطعة الترابية! والنفس أمارة بالسوء، ونعلم الآن أن في الأراضي ومنحها سوء تدبير بدت آثاره السلبية تطفح للعيان وربما تعم «بنفعها» الجميع! بحثت في موقع «أمانة منطقة القصيم»، عن رد أو توضيح للاستزادة فلم أعثر على شيء. وفي ثقافتنا الشعبية إذا كانت «نفس فلان» في شيء ما، هناك احتمال أن يترك له، لكن من النوادر منحه إياه، أيضاً هناك حدود لما يترك حذراً من «نفسك فيه»، وجبة مثلاً، خروف، أو سيارة مستعملة زاود عليها شريطي خطير عينه محمرة ففكر المتنازل في أعمدة النور المنتشرة! وترك الشيء هنا يتم «بدون نفس»، فهناك نفس أقوى من نفس، ومعاملات الأنفس هذه تتم بين الأفراد، أما قطعة أرض تساوي مبلغاً محترماً فهذا أمر جديد لم أسمع به من قبل، ومن أين من جهة حكومية، ما زلنا ننتظر توضيحاً للقصة ولا يمنع هذا من التعليق عليها، والمشكلة التي ستبرز لمن سيحقق في القضية هي إثبات وجود «النفس» في الأرض، فلو نبشت «فوق حدر» لن يجدوا شيئاً «فالنفس» هذه عجيبة يراها الواحد منها «بهاجسه» دون لمسها، ومن الطريف أن «نفسك فيه» تشابه في النطق مع اختلاف المعنى «نفسك في إيه» المصرية، لكنها في القصة السابقة تطابقت حتى في المعنى. الإنسان لو أتاح لنفسه ما ترغب سيصل لمرحلة لا يشبعها أو يغنيها شيء، كل المتاح سيصبح بلا طعم، بل حتى لو افترضنا أن مصباح علاء الدين متوفر لدى شخص له نفس في كل شيء لاعتذر الجني وقدم استقالته، فإذا رفضت هرب تاركاً الجواز لصاحب المصباح «يبله ويشرب مويته»، والناس يتوجسون ممن يوصف ب «نفس شينة» والمعنى له وجهان، الأول نفس لا يرضيها العجب، والثاني نفس حسود. وإذا حصل البعض على كل ما ترغب فيه أنفسهم من المتوقع أن البعض الآخر لن يحصلوا على حد أدنى تطيب به خواطرهم، وكنت قبل أيام أستمع إلى صديق كريم وسط صحبة طيبة يروي موقفاً لأحد كبار رجال الاعمال وهو من التجار الذين بدأوا من الصفر «ما غيره» الذي اكتشفه العرب، لا ممن أثروا من علاوات الإصدار أو بيع المساهمات الوهمية ولا غسيل الأموال والجيوب والاحتكار. قال إن رجل الأعمال حضر اجتماعاً وصرف سائقه، وحينما انتهى اجتماعه نزل إلى الشارع فشاهده شريك له ودعاه ليوصله وفي السيارة، سأله لماذا لم يأمر السائق بانتظاره؟ فرد رجل الأعمال قائلاً إنه ذاق مرارة الفقر في أول حياته ثم رزقه الله من واسع فضله فتغيرت حاله، فما وجد أفضل حالاً من الوسط. «انبسطوا» يا أواسط الناس فهذه شهادة ملياردير من الحجم الثقيل. تنويه: الزميل الكاتب عبد العزيز السويد سيتوقف عن الكتابة في إجازة قصيرة. www.asuwayed.com asuwayed@