يتحدثون كثيراً أن فريقاً ما يملك ثقافة الفوز ويعززها في لاعبيه حتى الصغار منهم، وهو ما يضفي عليه شخصية الفريق البطل التي تقال له عادة بعد كل مباراة، لذا هو ينتصر حتى في أحلك الظروف وأصعب المواقف، ويقاتل حتى لو ظلمه حكم أو طرد منه لاعب، على ألا يهزم ليخرج من أصعب لقاء بأقل الخسائر (التعادل).. روح تغلغلت في الوجدان تأبى الهزيمة وترفضها ولا تقتنع بالظروف التي قد تسببها مهما عظمت، وبهذه الروح يتواصل وجوده على منصات التتويج عاماً بعد آخر، كما يتوالى بروز النجوم الذين يتعلمون من لاعبي الخبرة «ثقافة ألا أخسر ولابد من أن أفوز»، لكن أن تكون الهزيمة هدفاً وغاية بل وعادية عند البعض حتى لا يحقق خصمه بطولة أو يقترب منها، فتلك ثقافة جديدة في الوسط الرياضي، وصحيح انهم قد يلعبون بحماسة لكن عندما يفكرون أن فوزهم سيمنح غيرهم نصراً ولو معنوياً يدفعهم للأمام تجدهم يتقبلون الخسارة برحابة صدر وأريحية، حتى الحكم الذي طالما جلدوه نقداً وتقريعاً يكون (ابن حلال وأعطى كل ذي حق حقه)، بل ويعتبرون الهزيمة بداية التصحيح حتى لو رمت بالفريق في ذيل الترتيب وذهبت بالعمل الفني والمعسكرات أدراج الرياح، فروح انهزامية بهذا الشكل تعني أن الزراعة في أرض سبخة لا يمكن أن تثمر إلا الحنظل، طالما هكذا فكر يقود الفريق ويستطيع الضحك على الجماهير التي هي الأخرى تعلمت منه، فيأتي رد فعلها طبيعياً جداً وتردد مع إدارة فريقها (أهم شيء ما يفوز بالدوري ولا يكون له أمل). أظن أن الثقافتين حضرتا عياناً بياناً في نهاية الاسبوع الماضي، ولن أسمي أطرافها لأنها واضحة جداً، لكنها تعكس حجم ونوع العمل الإداري في الجانبين واختلاف الغاية والهدف والرؤية للمستقبل، فكل فريق مهما بلغ من شأن معرض للخسارة ومن لا يخسر لا يفوز، لكن تأملوا في رد الفعل لدى الطرفين بعد الهزيمة، ليس إدارياً فقط بل جماهيرياً لتدركوا كم هي جريمة أن تطغى روح الهزيمة والخسارة ويهون من شأنها لدى البعض بفعل إداري بحت، في حين أن هناك من يعتبر مجرد التعادل خسارة كبرى. من أجمل ما قرأت «الانسان خلق ليفوز ويربح، ولكن خلال حياته ونتيجة لمجتمعاتنا السلبية فإنه تتم تهيئته للخسارة والهزيمة»، فصورة الذات الصحية مهمة في موكب النجاح. [email protected]