من هو الإرهابي حقيقة؟ هذا السؤال بدأ يجلجل في أدمغتنا، وأمام أنظارنا وأنظار أطفالنا الذين ظلوا يتساءلون كلما رأوا دم مسلم أو مسلمة يراق. أُريقت الدماء في البيوت وفي الشوارع وفي المحاكم أيضاً! جند الكثيرون من الأغراب و«الموصوفين بالأصحاب أيضاً» في أنحاء العالم كتبهم وإعلامهم وقنواتهم الديبلوماسية ليقولوا لنا: إنكم إرهابيون أو ترعون الإرهاب عبر تبرعاتكم وعبر كتبكم ومناهجكم. ولردع هذا الداء يجب أن تستباح كل أسرار حياتكم الشخصية والعملية، لفرز من يعمل في الإرهاب ومن يدعمه! وقفوا وقفة رجل واحد وتنادوا لقفل جمعياتنا الخيرية التي رأوا أنها قد تنجب أجيالاً يفكرون بأوضاعهم المستباحة في بلدانهم وفي بلدان يهاجرون إليها في محاولة للبناء، بناء الذات أعني بناء المستقبل الإنساني. تطوّع الكثيرون منكم أيها المتنادون بمكافحة الإرهاب الذي ألبستموه الرداء الإسلامي لتوعيتنا بأخطار أنفسنا، على الحرية، ومجد الإنسانية المنتهكة الحقوق! ويا حقوق الإنسانية أين أنت؟ لماذا لم تكوني هناك في محكمة «لاندس كريتش» في «درسن» بألمانيا المتباهية بميركل الرئيسة التي تقول إنها تحرص على حرية المتظاهرين الإيرانيين وتنسى أن هناك في فلسطين وفي باكستان من هم أكثر معاناة! لم تكن هناك رصاصة طائشة، بل سكين غادرة خرجت من الأحقاد، كانت المحكمة بكامل هيبتها وأعضائها وبحضور ضابط الشرطة المكلف بالحراسة الذي لم يتوان عن ضبط الزوج المفزوع الذي وحده حاول الإنقاذ فتلقى عقابه طعنات ثلاث! إنه الحجاب المثير الذي جعل الرئيس الفرنسي نقولا ساركوزي ينسى مبادئ الثورة الفرنسية عن حقوق الإنسان ويضرب في البيان، ليقول: إنه نوع من العبودية، وإن علمانية فرنسا لا تقبل هذا! ساركوزي أيها الرئيس الفرنسي: ما أروع الحرية لو تطبق في الحقيقة، ولكنها الأهواء تصفق كل منطق... ومن المنطق أن نقول للصينيين لماذا؟ لم نكن يوماً على عداوة معكم أيها الصينيون وبلادكم كبيرة وتعدادها لا يحصيه إلا وارث الأكوان، فماذا سيضركم لو تركتم للإخوة المسلمين من شعبكم حرية الصلاة والحياة الكريمة؟ أم إنه خيال المآتة المسمى بالإرهاب الإسلامي الذي حمله الأبيض والأصفر وغدت كل الألوان تحمله، بل حمله كل من له مشكلة مع الآخر؟ لقد كرّمنا الآخر في ديارنا وفي بيوتنا ولم نكن أبداً جبارين ولكن ماذا يحدث الآن؟ تتكون فقاعات وبثور على جلد الإنسانية التي ركضنا لها لنعانقها فكوت أكبادنا بالجراح... لن أبكي ولن تسمعوا النواح في هذه اللحظة ،ولكني أرسم تساؤلات بدأ يطرحها الأبناء الذين قلنا لهم كونوا مع الآخرين أطيب من الريح المرسلة، وإذ يسمعون الكلام الأنيق يتلقوا الأخبار الجارحة للكرامة، فتظلهم غمامة الشك في أغنية الحرية التي سمعناها معاً طويلا وربما دندن بها الكثيرون منا! قُتل الكثيرون في العراق وفي أفغانستان وفي باكستان وسُجن الكثيرون في أكثر من مكان وشكك في الكثيرين في كل مكان وأبان الزمان لنا أن الإرهاب ليس فينا، بل هو عدو لنا يترصد بنا في دوائر لا تنتهي، فأين الحقيقة؟ [email protected]