دعت تنظيمات نسائية مغربية إلى معاودة النظر في قوانين الأسرة التي تسمح للطفلة القاصر بالزواج من مغتصبها في حال موافقة ذويها. واندلعت موجة احتجاجات غاضبة في مدينة العرائش الساحلية، شمال البلاد، على إثر انتحار فتاة قاصر تبلغ 16 عاما من العمر أُجبرت على الزواج من الشخص الذي اغتصبها عبر استخدام العنف. وتعود وقائع الحادث الذي تحوّل إلى محور جدل قانوني واجتماعي إلى إقدام الطفلة على الانتحار عبر تجرع أدوية سامة تُستخدم في القضاء على الفئران. وأفاد بعض ذويها أنها اضطرت للفرار من زوجها الذي كان وراء اغتصابها نتيجة معاناة قاسية. ونُقل عنها القول بعد نقلها إلى المستشفى قبل أن تفارق الحياة إنها تعرضت للضرب والتنكيل، ولم تعد تطيق صبراً على معاشرة زوجها، متهمة إياه بحرمانها من الأكل والتنكيل بها. وكانت محكمة في العرائش أقرت زواج الطفلة من مغتصبها بعد موافقة ذوي الأسرتين، في سياق ما يُعرف ب «ستر الفضيحة». لكن ذلك طرح تساؤلات حادة عما إذا كانت مثل هذه الزيجة تُراعي كرامة الفتيات القاصرات لدى تعرضهن للاغتصاب، بخاصة وأن حالات الصلح في مثل هذه الأوضاع تلجأ إليها بعض الأسر المغربية خوفاً من «الفضيحة» التي ترتبط بالعار، سيما في الأرياف والأحياء الهامشية. وينتقد علماء اجتماع ومحللون نفسيون الظاهرة كونها تفرض التعايش بين المغتصب والمغتصبة من دون مراعاة المشاعر التي تزيد حدة وتحول في غالب الأحيان دون المعاشرة الطبيعية. عدا أن هذه الظروف تجنّب مرتكب جريمة الاغتصاب التعرض للعقاب تحت طائل صون شرف الأسرة. وذكرت مصادر قريبة إلى أسرة الضحية أنها باشرت إجراءات طلب المتابعة القضائية ضد زوج الطفلة، فيما اتسع نطاق حملات التضامن الشعبي مع الطفلة. وبدأ نشطاء في المجتمع المدني وتنظيمات حقوقية حملات توقيع عرائض يطالبون من خلالها بتفعيل القوانين الجنائية ضد مغتصبي القاصرات ورفض إبرام الزيجات التي تعرّض كرامتهن للإهانة. ويعتزم نشطاء تنظيم وقفة أمام البرلمان السبت للدفاع عن القاصرات وعن النساء اللواتي يتعرضن للعنف. وكان المغرب أقر مدوّنة إصلاح شاملة للأسرة تتضمن شروطا متشددة في تعدد الزيجات، وأنصفت المرأة في مجالات طلب الطلاق والإفادة المشتركة من الثروات، إضافة إلى صون النسب العائلي، ومنح الجنسية للمتزوجات من أجانب.