جنيف، لندن - «الحياة»- في تقرير شبه انتهاكات حقوق الإنسان في سورية ب «كابوس رهيب من التعذيب المنظم» الذي يعيد البلاد عشرات السنين إلى الوراء، قالت منظمة العفو الدولية إن السلطات السورية تستخدم 31 طريقة تعذيب ضد المعتقلين في السجون أو المعارضين السياسيين، وأن هؤلاء الضحايا الذين تعرضوا لتلك الممارسات «أرادوا الموت» من شدة التعذيب. وأكدت منظمة العفو أن لديها صوراً للإصابات التي لحقت بضحايا التعذيب في سورية، وأعدت خريطة تفاعلية على موقعها توثق «الانتهاكات الحقوقية في سياق الانتفاضة الشعبية». وفي تقرير موسع اعتمد على شهادات سوريين فارين، أكدت منظمة العفو أن التعذيب يمارس على نطاق واسع يصل إلى «مستويات غير مسبوقة» في مراكز الاحتجاز في سورية منذ سنة. واعتبرت منظمة العفو أن «الإفادات والشهادات التي أدلى بها الناجون من ضحايا التعذيب تقدم دليلاً إضافياً على ما يرتكب من جرائم ضد الإنسانية في سورية». وأكدت أن «من وقعوا ضحية لموجة الاعتقالات العارمة التي أعقبت اندلاع الانتفاضة السورية (وجدوا) أنفسهم رهائن كابوس رهيب في عالم تسوده ممارسات التعذيب المنهجية». وقالت المنظمة: «لقد وصل حجم التعذيب وغيره من ضروب الإساءة في سورية إلى مستويات غير مسبوقة خلال سنوات، ليعيد ذكريات حقبة مظلمة سادت البلاد خلال سبعينات وثمانينات القرن الماضي» في ظل حكم الرئيس الراحل حافظ الأسد. ونقل التقرير الذي يحمل عنوان «لقد أردت الموت: ضحايا التعذيب في سورية يتحدثون عن محنتهم» والصادر بمناسبة مرور سنة على اندلاع الاحتجاجات في سورية، إفادات شهود أو ضحايا التقى بهم باحثو المنظمة في الأردن في شباط (فبراير) الماضي. ويوثق التقرير «31 أسلوباً من أساليب التعذيب وغيره من ضروب الإساءة المتبعة في سورية، والتي تمارسها قوات الأمن والجيش والعصابات المسلحة المؤيدة للحكومة والمعروفة باسم الشبيحة»، بحسب المنظمة. وقالت نائبة مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو آن هاريسون إن تجربة الاعتقال «أضحت بمثابة كابوس رهيب في عالم يملؤه التعذيب المنهجي المنظم». وأضافت إن نظام الاحتجاز والاستجواب المتبع يهدف إلى «إهانة الضحايا وإذلالهم وترهيبهم بغية حملهم على التزام جانب الصمت». وروى العديد من الضحايا بحسب التقرير أن الضرب المبرح يبدأ لحظة الاعتقال، ثم «يتكرر الأمر بوحشية، وبخاصة باستخدام العصي وأعقاب البنادق والسياط وبقبضات اليدين والأسلاك المجدولة، لدى وصول المعتقلين إلى مراكز الاعتقال». وأضاف التقرير أنه «غالبا ما يجري تجريد القادمين الجدد من ملابسهم ليتركوا قرابة 24 ساعة في العراء». وتحدث التقرير عن أسلوب ما يعرف «بالدولاب» حيث «يجبر الضحية على اتخاذ وضعية إطار السيارة وتعليقه أو رفعه مع استمرار ضربه وبخاصة باستخدام الكابلات أو العصي». ولاحظ التقرير «تزايد عدد الروايات والتقارير التي تتحدث عن استخدام أسلوب «الشبح»، حيث يتم تعليق الضحية بخطاف، أو مقبض باب، ورفعه بشد قيود يديه بحيث تبقى القدمان بالكاد تلامسان سطح الأرض، أو بوضعية تسمح بملامسة أصابع القدمين فقط للأرض. ومن ثم تتعرض الضحية للضرب المبرح». ونقل التقرير عن كريم (18 سنة) الطالب من منطقة الطيبة بمحافظة درعا، «كيف قام مستجوبوه باستخدام الكماشة لسلخ لحم جسده عن ساقيه أثناء احتجازه في فرع المخابرات الجوية بدرعا خلال كانون الأول (ديسمبر) 2011». وتحدث التقرير عن «التعذيب بالصعق الكهربائي (الذي) أصبح واسع الانتشار خلال الاستجواب» وعن تحدث المعتقلين عن «ثلاثة من أساليب التعذيب على وجه الخصوص، أولها، غمر الضحية أو أرضية الزنزانة بالماء، ومن ثم تمرير شحنة تيار كهربائي في الماء المسكوب لصعق الضحية، وثانيها الكرسي الكهربائي حيث يتم وصل أقطاب كهربائية بجسم الضحية، وثالثها استخدام القضبان الكهربائية مدببة الرأس (المهماز الكهربائي)». وقال التقرير: «يبدو أن جرائم التعذيب القائمة على النوع الاجتماعي وغيرها من الجرائم التي تنطوي على عنف جنسي قد أضحت أكثر شيوعاً خلال العام الماضي». ونقل شهادة معتقل قال إنه أرغم على «مشاهدة عملية اغتصاب سجين آخر» خلال استجوابه في فرع المخابرات العسكرية في كفر سوسةبدمشق خلال تموز (يوليو) 2011. كما روى أحد الناجين واسمه طارق للمنظمة كيف أرغم خلال استجوابه في حي كفرسوسةبدمشق، على اغتصاب سجين آخر اسمه خالد. وقال إن «الضابط اغتصبه قرب الحائط وكان خالد يبكي ويلطم رأسه بالحائط». وكررت المنظمة «الدعوة إلى إحالة ملف الأوضاع في سورية إلى مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية، غير أن العوامل السياسية قد حالت حتى الساعة دون إتمام هذا الأمر»، مشيرة إلى معارضة روسيا والصين لإصدار أي قرار دولي يدين النظام السوري. وفي ضوء ذلك قالت المنظمة إنها تأمل أن «يمدد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة التفويض الممنوح للجنة التحقيق الأممية المعنية بسورية، وتعزيز قدراتها في مجال رصد الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والجرائم التي تخالف نصوص وأحكام القانون الدولي وتوثيقها والإبلاغ عنها، وذلك بهدف مقاضاة المسؤولين عن ارتكاب تلك الجرائم والانتهاكات». وقالت هاريسون: «نحن نعتقد جازمين أن المحكمة الجنائية الدولية تمثل أفضل الخيارات المتاحة بغية ضمان محاسبة المسؤولين عن ارتكاب الجرائم الخطيرة بحق الشعب السوري». ولم توقع سورية على اتفاقية إنشاء المحكمة الجنائية الدولية. وعلى رغم ذلك قالت هاريسون إنه ينبغي أن يتم التأكيد على أن «المسؤولين عن جرائم التعذيب - وخصوصاً أصحاب المناصب القيادية منهم - وبما لا يدع مجالاً للشك لديهم أنهم ماثلون أمام عدالة المحاكم لا محالة، وذلك لمحاسبتهم على ما ارتكب من جرائم خلال فترة شغلهم لمناصبهم وعلى مرأى ومسمع منهم». وأكد التقرير أن الشهادات تستند إلى مقابلات أجريت مع عشرات السوريين الذين «فروا إلى الأردن هرباً من العنف الدائر في سورية، بمن فيهم 25 شخصاً ممن زعموا تعرضهم للتعذيب وغيره من ضروب الإساءة في الحجز قبيل فرارهم». ويضم التقرير «شهادات 19 من ضحايا التعذيب» أكثر من نصفهم من «محافظة درعا (والباقون) من دمشق وريفها، وحماة وحمص واللاذقية والسويداء وطرطوس».