تصاعد الجدل القانوني والسياسي بين الحكومة السودانية والمعارضة في شأن شرعية السلطة أمس، واتهم الحزب الحاكم زعماء معارضين بالسعي الى إطاحة نظام الحكم «ولو على سطوة جواد أميركي أو غزو خارجي»، في حين هددت المعارضة باعتصامات وتظاهرات في الولايات وجددت تمسكها بحكومة انتقالية الى حين إجراء الانتخابات. وقال وزير العدل عبد الباسط سبدرات خلال مؤتمر صحافي أمس إن فهم المعارضة للدستور الانتقالي في شأن انتهاء شرعية الحكومة منذ التاسع من تموز (يوليو) الجاري خطأ، لأنها استندت الى إجراء الانتخابات في نهاية العام الرابع من اتفاق السلام، ولكن الدستور ينص على أن ولاية الرئيس عمر البشير خمس سنوات تنتهي في التاسع من تموز (يوليو) عام 2010 أو بإجراء انتخابات رئاسية، والبرلمان في آب (أغسطس) عام 2010 كذلك. وأكد سبدرات أن السودان لا يشهد فراغاً دستورياً، كما يزعم المعارضون. وقال إن الرئيس عمر البشير يزور القاهرة، ونائبه الأول يباشر مهماته رئيساً لحكومة الجنوب في جوبا عاصمة الإقليم، ونائبه الآخر علي عثمان طه في عطلة في خارج البلاد. وأضاف أن مؤسسات الحكم تباشر عملها بطريقة طبيعية، وتساءل ساخراً: «من يملأ الفراغ إذا حدث؟ الأممالمتحدة أم الاتحاد الأفريقي أم البعثة المشتركة أم متطوعون»؟ واعتبر أن موقف المعارضة إزاء شرعية الحكومة سياسي ولا صلة له بالقانون. وقلل المسؤول السياسي في الحزب الحاكم مندور المهدي من أهمية تهديد المعارضة بتنظيم تظاهرات واعتصامات، ورأى أن أي اتجاه في هذا الشأن سيكون تجاوزاً وخرقاً. واتهم زعيم «حزب المؤتمر الشعبي» المعارض الدكتور حسن الترابي، وقال إن «دوافعه شخصية، وروحه انتقامية، ويسعى الى إسقاط الحكومة بأي أسلوب حتى لو على سطوة جواد أميركي أو غزو خارجي. وهذا اتجاه خطير يهدد بنسف استقرار البلاد». لكن رئيس الوزراء السابق زعيم حزب «الأمة» المعارض الصادق المهدي رفض اتهامات الحزب الحاكم لأحزاب المعارضة بتلقي دعم من السفارات الأجنبية لإطاحة حكم البشير، واعتبره «كلاماً سخيفاً». واتهم الحكومة بتمليك قضايا السودان للأجانب، وقال إن البلاد «تعيش الآن تحت وصاية أجنبية وتعاني من التدويل والتمزق». وأضاف أن العالم كله صار متدخلاً في الشأن السوداني، ورأى أن الظرف الذي تمر فيه البلاد والخلافات بين شريكي الحكم من جانب، والأسرة الدولية والمعارضة الداخلية من جانب آخر، تحتم الدعوة الى حكومة انتقالية. ولوّح بالتحرك قائلاً: «إذا استمرت الحكومة في الحكم، فإن المعارضة ستقوم بعمل كبير وحشد تأييد شعبي والدخول في اعتصامات». كما نفى المهدي أن يكون تلويح المعارضة بالنزول إلى الشارع «استهدافاً للحكومة الحالية»، مؤكداً أن الغرض من ذلك هو «التعبير عن موقفنا»، وإظهار أن مطالب المعارضة جماهيرية من أجل مصلحة البلاد. وانتقد إدارة الحكومة الحالية للأزمات المحدقة بالبلاد، سواء ما يتعلق يالمحكمة الجنائية الدولية وأزمة دارفور وقضية الحريات والجنوب، مؤكداً وجود «ظروف طاردة للوحدة». واتهم المهدي «حزب المؤتمر الوطني» «بالعناد والانفراد وتعمد الحل الإقصائي»، ودعا إلى «حل وفاقي قومي يرتضيه جميع السودانيين». وقال إن إجراء انتخابات وفقاً لنتائج الإحصاء السكاني الأخير «أمر مختلف عليه وسيؤدي إلى نتائج سيئة». وعما إذا كان سيستغل الأوضاع القائمة ليحل محل الرئيس عمر البشير، قال المهدي: «إنني أمثل الشرعية المنتخبة وهم لا يمثلون ذلك. ونحن سعينا إلى إنقاذ رأس الدولة» المطلوب لدى المحكمة الجنائية، «فموقف الحكومة من المحكمة يؤذي البلاد، ويضعنا في مواجهة مع المجتمع الدولي». وجدد المهدي التأكيد على الحاجة إلى حكومة قومية تصيغ رؤية وطنية مشتركة. وكان تجمع يضم 17 حزباً معارضاً أعلن نهاية هذا الأسبوع أن الحكومة الحالية «غير شرعية»، ودعا الى تشكيل «حكومة انتقالية» حتى موعد الانتخابات التي يخشى عدد كبير من المحليين ارجاءها مرة أخرى. وستدعو المعارضة «السكان الى لقاءات سياسية في الخرطوم وفي عواصم مختلف الولايات للاحتجاج على غياب الحرية وعلى لا شرعية الحكومة»، كما قال الفاضل، من دون تحديد تفاصيل تتعلق بجدول زمني لهذه التحركات.