جدد الرئيس اللبناني ميشال سليمان أملَه بأن «تُحل الأزمات في محيط لبنان الجغرافي بصورة سلمية يتوافق عليها جميع الأطراف وفي الحضن العربي، بما يرضي التطلعات المشروعة للشعوب والحاجة إلى الحرية والديموقراطية والاستقرار والتنمية». وأشار الى ان لبنان «تجنَّب تداعيات الأزمات المحيطة، اقتصادية كانت أم سياسية، ربما لأن النظام الليبرالي الذي تتمتع به بيئة الأعمال في لبنان، والاستقرار الذي تمكنّا من إرسائه استناداً الى نظامنا الديموقراطي التوافقي، شكّلا جداراً حامياً وواحة جذابة في آن، فبات القطاع المصرفي يتابع نموه بنسب جيدة، والاقتصاد يتقدم». وشدد سليمان في كلمة ألقاها في افتتاح مؤتمر «الاتحاد العام لغرف التجارة والصناعة والتجارة للبلاد العربية» المنعقد في بيروت، على ان «النمو الاقتصادي والاجتماعي وتعزيز الحريات الشخصية، كفيلان بتطوير الديموقراطية والعدالة والحفاظ على ما حققته الشعوب من إنجازات دفعت ثمنها عناءً وبؤساً وأرواحاً»، معتبراً ان المرحلة الراهنة تقتضي إجراء إصلاحات اقتصادية لردم الفجوة في مجال العدالة الاجتماعية وتوزيع الثروة وإعطاء جميع فئات المجتمع، وفي طليعتهم المرأة العربية، فرصة الاشتراك في إنتاج الثروة والاستفادة منها». ولفت الى أن لبنان تمكن «من تخطي صعوبات عديدة خلال السنوات المنصرمة، آخرها الأزمة المالية العالمية، ونأى بنفسه عن التداعيات السلبية لما نشأ من توترات وأزمات في محيطه الجغرافي». قانون لتحديث الشراكة وطالب «بمسح شامل للإمكانات على صعيد المنطقة العربية، للاستفادة بالشكل الأمثل مما يتميز به بعض البلدان، لاستثمار نقاط القوة فيها على أفضل وجه في سبيل مصلحة السوق العربية كلاً، ودور الاتحاد محوري في هذا المجال». ولفت الى «أن الاستثمارات المباشرة في المشاريع الكبرى والخدمات العامة من قبل القطاع الخاص، تشكل منصة أساسية لاطلاق عجلة الاقتصاد». وقال: «نحن في لبنان في صدد المصادقة على قانون حديث ينظم الشراكة بين القطاعين العام والخاص، بمعنى اللجوء إلى القطاع الخاص لتمويل مرافق اقتصادية مهمة ومشاريع كبرى وادارتها. والقانون اللبناني يؤمن الشفافية والصدقية اللازمتين لإعطاء الثقة للمستثمرين في كل أوجه عملهم». وعاهد سليمان «المستثمرين العرب» العمل «على الحفاظ على الميزات التفاضلية للاقتصاد اللبناني، من تشريعات وموارد بشرية وجودة خدمات وتطورها، ومتابعة جهودنا لتحسين التوازنات، من ضبط عجز الموازنة وخفضه جذرياً، بغية الوصول إلى تراجع في معدل الدين العام إلى ما هو دون 120 في المئة من الناتج المحلي، والحفاظ على الاستمرارية الضريبية بشكلٍ مشجع للاستثمار الذي تنتظره أفق واعدة مع بداية رحلة التنقيب عن النفط والغاز، ويتواكب ذلك مع العمل على تحصين القضاء وتطوير البيئة القانونية التي تضمن حق جميع الأطراف في المعادلة الإنتاجية. القصار وعقد المؤتمر في مقر الاتحاد (مبنى عدنان القصار للاقتصاد العربي) لمناسبة مرور 60 عاماً على تأسيس الاتحاد، وحضره رئيسا المجلس النيابي نبيه بري والحكومة نجيب ميقاتي، وممثلون عن جامعة الدول العربية، وعدد من رؤساء مجالس غرف التجارة والصناعة والزراعة العربية والاجنبية وأعضائها واتحاداتها، وشخصيات سياسية واقتصادية. وقال رئيس مجلس الاتحاد عدنان القصار في كلمة: «إن كل ما يدور حولنا اليوم في الدول العربية الشقيقة، وفي المنطقة عموماً، من تحولات تاريخية، يلقي علينا تحديات جديدة ويستدعي مزيداً من العمل والمسؤوليات الجسام»، لافتاً الى ان الواقع الراهن لا يتطلب فقط إعادة النظر في خطط التنمية وبرامج الإصلاح الاقتصادي، بل وفي منظومة العمل العربي المشترك، لتصويب مسارها ودفع اتجاهات التكامل الاقتصادي بسرعة أكبر ونوعية أفضل، وذلك بهدف خلق إقليم اقتصادي قوي يستمد منعته من قطاع خاص رائد ومبدع». وحض القطاع الخاص على «تركيز الاستثمار في قطاعات الإنتاج القادرة على ايجاد فرص العمل والاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، وتنويع قاعدة الإنتاج وضمان جودة المنتج وتنافسيته، وبذلك يمكننا الاستفادة القصوى من الاتحاد الجمركي العربي المقرر أن يرى النور في 2015 والسوق العربية المشتركة في 2020». ومنح سليمان وسام الارز الوطني من رتبة ضابط أكبر الى القصار «تكريماً لجهوده الطويلة في خدمة الاقتصاد الوطني». وظهراً، استقبل ميقاتي وفداً من اتحاد الغرف العربية برئاسة القصار في مناسبة الاحتفالات وأولم تكريماً للمشاركين فيها. وأمل ميقاتي في كلمة، أن «ترسو خواتيم التطورات السياسية الداهمة في أكثر من بلد عربي شقيق، لمصلحة الاستقرار والتقدم في هذه الدول». وأكد «التعاطي مع هذه التطورات بعيداً من سياسة المحاور، محاولين قدر المستطاع درء تداعياتها السلبية على لبنان، تدفعنا الى ذلك إرادة لبنانية واحدة عبّر عنها اللبنانيون في غير مناسبة، في ان يبقى وطنهم، كما كان دائماً، منفتحاً على الدول الشقيقة والصديقة، محافظاً على مناخ الحرية السياسية والاقتصادية الذي يتمتع به، في إطار النظام الديموقراطي البرلماني الذي كرّسه مجدداً اتفاق الطائف الذي أسس لمسيرة السلم الأهلي التي نتمسك بها ونعمل على الحفاظ عليها». ميقاتي: لبنان قائم على التوازن وقال ميقاتي إن لبنان «قائم على توازن وطني مميز، وهو مستمر طالما أن هذا الخيار هو قرار ثابت اتخذه اللبنانيون، ولن يكون في مقدور أحد تبديل هذه القناعة، وأي محاولة لدفع لبنان إلى مواقع اخرى تناقض توجهات أبنائه لن يكتب لها النجاح، وبالتالي فإن من يراهن حيناً على خلافات سياسية في الداخل واحياناً على تطورات في الخارج ، سيجد نفسه في مواجهة موقف لبناني واحد وصلب، سقفه ميثاق وطني». وأعلن أن الحكومة «عملت منذ تشكيلها على الحفاظ على الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي والاجتماعي». ولفت إلى أن «اقتصادنا الوطني لا يزال يحقق نمواً جيداً على رغم الظروف المحيطة بنا، خصوصاً أننا باشرنا في الحكومة ورشة عمل كبيرة في مشاريع البنية التحتية وقطاعي الكهرباء والمياه والنقل». وأوضح أن القطاع الخاص «يستعد للاشتراك مع الحكومة في هذه المشاريع المفتوحة أمام شركاء استراتيجيين من الدول العربية».