تزايدت المؤشرات إلى حظوظ أقوى للرئيس الأميركي باراك أوباما للفوز بفترة ثانية، من فرص دخول البيت الأبيض المتاحة لأي من أبرز المتنافسين على ترشيح الحزب الجمهوري ميت رومني وريك سانتوريوم. لكن الرهان على فترة زمنية تمتد سبعة أشهر، لا يخلو من المخاطرة حتى في معركة انتخابات رئاسية، تحولت في وقت مبكر إلى سباق على إنقاذ الاقتصاد الأميركي من الهاوية. ونشر «مركز بيو للأبحاث» واحدة من هذه المؤشرات ولعلّها الأكثر طرافة، إذ أظهر استطلاع للرأي أجراه مطلع الأسبوع الماضي، أن نسبة الناخبين الديموقراطيين المتحمسين لأوباما ارتفعت بحدة كلما ازدادت معرفتهم بالمتنافسين الجمهوريين. وفي المقابل وجد الاستطلاع أن نسبة الناخبين الجمهوريين الذين تحسنت انطباعاتهم عن هؤلاء المتنافسين انحسرت مع ازدياد المعرفة. لكن المؤشر الأكثر جدية كشف عن ذاته، عندما نشر مجلس الاحتياط الفيديرالي الجمعة الماضي تقريره الفصلي عن تقلبات الثروة الأميركية، مؤكداً أن المبادرة المثيرة للجدل التي أطلقها الرئيس السابق جورج بوش في الأيام الأخيرة من ولايته الثانية وحمل أوباما لواءها وآثامها، نجحت في انتشال قطاع المال الأميركي بمصارفه والأصول المالية للمستثمرين من براثن أزمة المال. أسواق المال وبيّن التقرير وأداء أسواق المال في الشهرين ونيف الماضيين، أن المستثمر المحلي والأجنبي استعاد الخسائر الضخمة كاملة، التي ألحقتها أزمة المال بأصوله المالية الأميركية، وقدرها مجلس الاحتياط بنحو 9.4 تريليون دولار. وحدث ذلك على رغم استمرار نزيف خسائر قطاع العقار السكني لتصل نهاية عام 2011 إلى خمسة تريليونات، ما يعادل 25 في المئة من الثروة العقارية الأميركية في ذروتها. وتشكل الأصول المالية مع الثروة العقارية ركيزتي الإنفاق الاستهلاكي الداعم للنمو الاقتصادي في أميركا، وما تعنيه أهمية استعادة خسائرها لخصها كبير الاقتصاديين في مركز الأبحاث «كنفرنس بورد» في شكل غير مباشر في تعليق على تقرير اليد العاملة في شباط (فبراير) الماضي. إذ رأى مركز الأبحاث الأميركي، أن هذا التقرير الصادر الجمعة الماضية أيضاً، يؤشر إلى أن «آلة إنتاج الوظائف الأميركية العظيمة استيقظت من سباتها وتملك فرصاً قوية لاستمرار وربما تسارع حركتها في أشهر الربيع والصيف، مدعومة بتحسن الإنفاق الاستهلاكي وثقة المستهلك». وأكد محللون في مجالي الاقتصاد والحملات الانتخابية، أن تقرير اليد العاملة الذي رفع عدد فرص العمل المنتجة في السنوات الثلاث الماضية إلى نحو أربعة ملايين وظيفة، أي قرابة نصف الوظائف التي خسرها الاقتصاد الأميركي في أزمة المال وما أنتجته من «ركود عظيم»، يُعد مؤشراً إضافياً يعزز فرص أوباما في معركة الانتخابات الرئاسية. حظوظ أوباما لكن المحللين لفتوا في المقابل، إلى أن حظوظ أوباما لا تتوقف على أداء الاقتصاد وسوق العمل في الفترة السابقة على موعد الانتخابات فحسب، بل على ما يخفيه القدر في الفترة الانتقالية. وأشاروا بذلك إلى التحذير الزلزالي الذي أطلقه رئيس مجلس الاحتياط الفيديرالي بن برنانكي أخيراً، في شأن «هاوية» تنتظر الاقتصاد الأميركي في موعد قريب لا يتعدى اليوم الأول من كانون الثاني (يناير) المقبل. فبعد الاستماع إلى تهاني عدد من أعضاء لجنة الخدمات المالية في مجلس النواب على نجاح سياساته في إنقاذ قطاع المال، فجّر برنانكي قنبلته، محذراً من أن الاقتصاد الأميركي يواجه خطر السقوط في هاوية مالية ما لم يصَر إلى تفادي تبعات انتهاء العمل في وقت واحد بثلاثة من أشهر القوانين خفض الضرائب التي سنّها الكونغرس خلال الأعوام 2001 و2003 و2009، وبدء العمل بقانون خفض الإنفاق الذي أُقرّ نهاية عام 2010. وتوقع مكتب أبحاث الموازنة المستقل في الكونغرس انتهاء العمل بقوانين الخفوض الضريبية مطلع العام المقبل، أن يزيد العبء الضريبي على المستهلك بنحو 3.8 تريليون دولار بين الأعوام 2013 و 2022، بينما حدد قانون عام 2010 مقدار خفض الإنفاق الحكومي بما يصل إلى 1.2 تريليون دولار. وأوضح برنانكي أن قطع مصادر التمويل عن الاقتصاد بالسماح بانتهاء مفعول قوانين الخفوض الضريبية وتفعيل قانون خفض الانفاق الحكومي، لا يهدد بإبطاء وتيرة النمو الاقتصادي وزيادة أسعار الفائدة فحسب، بل «ربما يؤدي إلى أزمة مالية على شاكلة ما هو حاصل في أوروبا». ووضع مسؤول السياسة النقدية الأميركية التحذير أقله في شكل غير مباشر، على قمة أولويات الانتخابات الرئاسية. وشدد على أن إنقاذ الاقتصاد الأميركي من السقوط في الهاوية المالية، يتوقف على القرارات التي سيتخذها كل من الكونغرس المنقسم على نفسه والبيت الأبيض في الفترة المقبلة.