وضعت الخلافات المتصاعدة بين قيادتي حركتي «فتح» و «حماس» اتفاق الدوحة الذي أثار الكثير من الآمال بقرب إنهاء الانقسام الفلسطيني، في مهب الريح مثل سابقيه من اتفاق مكة الى اتفاق القاهرة. وشهدت العلاقة بين الحركتين في الأيام القليلة الماضية تدهوراً جديداً، وصل حد تبادل الاتهامات الجارحة بين عدد من كبار قادتهما. فالقيادي البارز في «حماس» في غزة الدكتور محمود الزهار اتهم «فتح» بأنها تعيش «حالة انفصام في الشخصية». وقال في تصريحات صحافية إن هذا الأمر «أدى إلى تأخير تطبيق اتفاق المصالحة الذي وقع في القاهرة في ايار (مايو) الماضي». واتهم الحركة بوضع «مخطط دعائي ضد الحكومة في غزة يشمل افتعال أزمات». وتزامنت تصريحات الزهار مع تصريحات لمسؤول ملف المصالحة في حركة «فتح» عزام الأحمد اتهم فيها قادة «حماس» في غزة بالتعاون مع إيران لإفشال اتفاق الدوحة. وقال الأحمد في لقاء مع صحافيين في رام الله: «إيران لعبت دوراً تخريبياً في المصالحة بيننا وبين حماس»، معتبراً أن زيارة رئيس الحكومة المقالة في غزة اسماعيل هنية إلى إيران والدعم المالي الذي قال إن طهران قدمته «مؤشر على ان ايران لديها رغبة في استمرار الانقسام، وإلا ماذا يفسر أن المعارضة لاتفاق المصالحة تأتي فقط من قيادة حماس في غزة؟». وقال الأحمد إن رئيس المكتب السياسي ل «حماس» خالد مشعل طلب من الرئيس محمود عباس إرجاء تشكيل الحكومة أسبوعين، وأن هذه الفترة «انتهت من دون أن نسمع جديداً من حماس». وأضاف ان «منع حماس لجنة الانتخابات من العمل في غزة يعني أنها لا تريد المصالحة». وتبع تصريحات الأحمد بيان صادر عن الناطق باسم «فتح» أحمد عساف حمل اتهامات قاسية للزهار، مثل «الفرار من غزة اثناء الحرب، والحصول على أموال، وإجراء اتصالات مع الإسرائيليين، والقبول بالدولة ذات الحدود الموقتة». وأظهرت التطورات الأخيرة أن فرص تطبيق اتفاق الدوحة تتضاءل، وأنها لا تزيد عن فرص الاتفاقات السابقة مثل مكةوالقاهرة. وتقول مصادر مطلعة على مواقف الطرفين ان كليهما غير قادر على دفع كلفة تطبيق الاتفاق، فعباس يسعى إلى تجنب التعرض لحصار مالي وسياسي غربي، ويميل الى انتظار نتائج الانتخابات الأميركية لاستكشاف فرص المستقبل. ويبدو ان عباس يفضل إرجاء الانتخابات الى ذلك الحين. وحركة «حماس» غير متحمسة لإجراء انتخابات غير مضمونة النتائج مع تعرضها لموجة قمع اسرائيلية جديدة في الضفة تشمل اعتقال نوابها الجدد وإبعاد نوابها الفائزين من القدسالمحتلة وغيرها. وتلعب انتخابات مجلس الشورى والمكتب السياسي في «حماس» المقررة خلال الشهرين المقبلين دوراً مهماً في مواقف عدد من أعضاء المكتب السياسي الحاليين الذين تنصب جهودهم الراهنة على اقامة التحالفات الانتخابية، خصوصاً في غزة.