هذه الكهرباء التي ضقنا ذرعاً بها تمنعنا من كل شيء، في غزة... حتى من مجرد التفكير، وكأنها تواطؤ مبرمج وممنهج ومسيس أيضاً لإحباطنا أكثر، ( وكأن جرعات الإحباط المركزة تنقصنا!). الإنتاجية قلَّت إلى النصف، والرغبة في الإنتاج انعدمت، لأن التفكير تعطل هو الآخر، والمشكلة أن عودة الكهرباء الآن لساعات ست وفق جدول شركة الكهرباء (المصاب بالحول والعته)، أو خمس، أو ساعة يتيمة في بعض المناطق التي تنقصها الواسطة وتعمدوا تهميشها- عودة الكهرباء، ما عادت تعني عودة الحياة والإنتاج والعمل لأن طاقتنا الداخلية تلاشت. وهذه الساعات المحدودة لا تكاد تكفي لشيء، وسباقنا مع الزمن لاغتنامها يفشل، فتثبط عزائمنا بالتالي. «المفترض أن لا نتحدث عن الكهرباء ولا نشكو ولا نكتب حرفاً حولها»، هذه وصية ساخرة يطلقها الأغلب هنا وهناك كي لا تكون المساءلة القانونية من نصيبكم أمام السيد النائب العام، فالكهرباء بألف خير وعافية في قطاع غزة وفق تصريحات القادة. بصراحة تصريحات السادة القادة لا تفسير لها سوى أنهم ينعمون بكهرباء متواصلة بفعل عنصر الواسطة الفلزي الموصل للحرارة والدفء والراحة، ويبدوا أنهم لا يدرون شيئاً عما يعانيه هذا الشعب. تصريحات المسؤولين هذه كارثية، ولا تدل سوى على فساد طال المسؤولين، وستؤدي حتماً إلى انفجار الشعب المنفجر أصلاً. فساد طال الأخضر والأصفر - عفوا الأخضر واليابس، إنها حتماً زلة كيبورد ليس إلا، فأخضرنا وأصفرنا ارتقاء ونقاء ومصالحة. - مصالحة... مصالحة... ماذا تعني كلمة مصالحة؟! (كيف سنشرح لأطفالنا معنى كلمة مصالحة؟!) - مصالحة تعني كذب يا حبيبي! عندما نقول ونفعل عكس ما نقول فهذا كذب ونفاق بالطبع. غير أن الكذب والنفاق أصبحا من الخصال الحميدة، والمبادئ العالية هذه الأيام. حذارِ من النطق بمخالفة هذا الرأي السديد حتى لا يتم الزج بك في غياهب السجن. ما دام كبارنا وأولو أمرنا ينتهجونها علناً على مرأى ومسمع منا، فمشروعيتهم وصلاحهم وحكمتهم تقترن حتماً بأفضل الصفات وأعظم المبادئ وبوضع تعديل لطيف لتحويل المسمى الفج من كذب إلى سياسات عليا، أو ديبلوماسية، أو حنكة وحكمة. تستطيع أن تمارس الكذب والنفاق علناً أنت أيضاً. في الواقع جميع الشعب ينتهجه فعلاً. وما عاد ينتظر توضيحاً أو كتابات مشابهة لإضفاء المشروعية عليه. لله دركَ يا شافعي كم عجبت من أبياتك: نعيب زماننا والعيب فينا، وما لزماننا عيب سوانا. أقسم أنك رجل ساذج وبريء. ما علمت يا مسكين كيف تكون العيوب وكيف يعاب الزمان ويعاف. ليتك تصحو من الزمن ساعة لترى أحوالنا. ولا نريد منك إنشاداً ولا فتوى. يكفينا أنك ستنام قرير العين لروعة زمانك.