وحلت ليالي «العتق من النار» ويبدأ المكيون تبادل التبريكات والحمد إذ بلغهم الله أيام ال 10 الأخيرة من شهر رمضان المبارك بعد أن ودعوا أيام الرحمة والمغفرة، حافلينها بالتقرب إلى الله دعاء وقياماً واعتكافاً، والتجهيزات الموسمية، حتى تختلط «العبادة» مع «العادة» وعلى رغم أن غالبية المكيين يتجهون إلى الحرم المكي لأداء صلاتي التراويح والقيام، إلا أن ليلتي ال 27 و «ختم القرآن الكريم» التي تكون في إحدى ليالي الوتر تحظيان بالنصيب الأكبر في عدد المصلين سواء من الرجال أم النساء، إذ اعتادوا التوجه إلى بيت الله الحرام بعد صلاة العصر مباشرة بهدف الحصول على أماكن للصلاة تفادياً للزحام الذي يشهده الحرم في تلكما الليلتين خلال ال 10 الأواخر. وفي ظل توافد أفئدة من المسلمين إلى بيت الله الحرم لأداء العمرة واستشعار روحانية الشهر الفضيل، تشهد مكةالمكرمة خلال ال10 الأواخر ازدحاماً كثيفاً، ما يدفع بالتجار إلى فتح أبواب المحال التجارية طوال ال 24 ساعة، ليتسنى لأهل مكة وزوارها التبضع في أي وقت لشراء كسوة عيد الفطر ومستلزماته، وتنشط بذلك الحركة التجارية بصورة مغايرة ومميزة. وإلى جانب الأعمال الروحانية الرمضانية، يستعد أهل مكةالمكرمة في أواخر رمضان لتجهيز مستلزمات عيد الفطر من خلال إعداد أطباق الحلوى والأطباق التي تُتناول في أيام العيد مثل (الدبيازة، هريس اللحم، هريسة الملوخية)، كما أوضح العم محمد سراج خلال حديثه إل «الحياة»، إذ تجهز محال الحلويات والمكسرات في عرض منتجاتها الموسمية للزبائن استعداداً لعيد الفطر. وقال: «إنه ما تحين ال10 الأواخر من رمضان المبارك حتى تشرع محال الحلويات والمكسرات في معارضها بالتزين وتبرز بضاعتها أمام مرأى العين، والتي تستهوي السيدات اللاتي اعتدن عمل أطباق الحلويات وطبق الدبيازة المكون من قمر الدين والمكسرات». وينصب قاطنو الأحياء الألعاب المكية في شهر رمضان المبارك والتي عرفت بتميزها، إذ أشار إليها العم سراج خلال حديثه ومنها: الكبت، البربر، البرجون، الكبوش، العجلة، الحرامي والعسا، الزغرغية، المدوان والمكر، والتي اندثرت في بعض الأحياء، مضيفاً: «من عادات المكيين في شهر رمضان المبارك تنظيم جلسات وحلقات المزمار في كل حارة، متبادلين الدعوات للعب معهم، وتزيّن الحارة ب «التيازير» التي تحمل اللون الأحمر». واسترجع العم سراج بعض العادات التي اندثرت أخيراً، ولم يبق منها سوى الحنين لها قائلاً: «إنه على رغم أن العادات الرمضانية تمارس من حين دخول هلال شهر الصوم، إلا أنها تتمتع بطعم خاص في الليالي العشر، خصوصاً بعد توافد الزوار بصورة أكبر في تلك الليالي، فالتجمعات التي كانت تعقد للسمر واللعب داخل الأحياء لها طعم خاص، وتحفها المأكولات الرمضانية من السمبوسة والشربة والكنافة واللقيمات والسوقودانة وشراب السوبيا، إضافة إلى دورق الزمزم المبخر، بدأت تتلاشى في ظل انتشار وسائل التواصل الاجتماعي.