تعترض قاصدي المسلخ الأهلي شمال جدة أكوام مما تبقى من سيارات مهشمة تقف قبالة الورش، فتوارى وسط ضوضاء المنطقة الصناعية التي اختلط فيها الزيت بالدم في طريق القادمين بقصد ذبح خرافهم أو البحث عن أنعام في الزرائب الملاصقة للمسلخ اليتيم الذي جاور الغرباء، وسط مستنقع من الزيوت وهواء ملوث بثاني أكسيد الكربون. لم يعد حال المسالخ البلدية مطمئناً من جوانب عدة سواء من حيث الموقع الجغرافي والصحي، أو نظافة وتجديد المواد المستخدمة في الذبح و السلخ، وسط اجتهادات رقابية لم تتمكن من الدخول في عمق التفاصيل التي يشاهدها المواطن بالعين المجردة، وتغيب تحت مجهر الحسيب في ساعات مختلفة من النهار. ويبدو حال بعض المسلخ الموكلة إليها تقديم لحوم الأنعام الأكثر طلباً في المملكة، متهالكاً في ظل الجدران الهرمة، وطاقة استيعابية لا تتسع في حال تزايد الطلبات، وشح وضيق مواقف السيارات المحاصرة بالورش من جميع الجهات، ومواقف أخرى تحولت إلى ساحة لعرض الأثاث والأجهزة الكهربائية والتي جزأتها الحظائر المصطنعة من قبل باعة الأغنام وسط أقفاص الحديد المكتومة بالروائح الكريهة، وسبخة التربة التي ترسبت فيها المياه كغيرها من الأراضي وسط المنطقة الصناعية ، وهبوب رياح المصانع الصغيرة، و أفران الميكانيكا. وللحشرات تواجد لا تشعر به إلا غازياً جلدك، والتي تغزو جلود وأصواف أغنام الحظائر المجاورة للمسلخ المتورط وسط زيوت الصناعية فلم تعد جديدة، محيلة لحوم تلك الأنعام إلى مخازن للمرض ليس بمقدور طبيب بيطري واحد من خلال ضربته السريعة بالسكين - خلال «30 ثانية فقط – أن يكتشفها.