على رغم الجهود الكبيرة التي يبذلها الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» لمكافحة العنصرية في الملاعب إلا أن هذا الوجه القبيح يظهر دوماً وعلى فترات ليست متباعدة، خصوصاً في الملاعب الأوروبية ضد العرب والأفارقة، على رغم النجاح الكبير الذي يحققونه مع أشهر الأندية العالمية، فلا يمكن على سبيل المثال لا الحصر تجاهل نجومية وتاريخ الكاميروني صامويل ايتو مع برشلونة والمصري أحمد حسام «ميدو» مع أكثر من فريق أوروبي، ولكنهما وغيرهما من اللاعبين العرب والأفارقة لم يسلموا من العنصرية إما لبشرتهم السمراء أو لأصولهم غير الأوروبية. وأعيد فتح هذه الملف الأسود الذي يضرب أهداف كرة القدم التي تدعو للسلام بعد موقف جماهير هوفنهايم الألماني من مهاجم منتخب مصر محمد زيدان المعار من بورسيا دورتموند إلى ماينتس إذ رفعت لافتات مكتوب عليها «عد إلى الصحراء .. يا راعي الجمل» وكان ذلك في مباراة التقى فيها فريقهم مع ماينتس أخيراً وانتهت بالتعادل 1-1 وسجل زيدان خلالها هدف فريقه. وبعد ساعات من انتهاء المباراة شنت الجماهير المصرية هجوماً عنيفاً على صفحة هوفنهايم الرسمية للنادي الألماني على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، وأمطروها بوابل من التعليقات الساخرة والغاضبة. في المقابل، قدمت صفحة هوفنهايم الرسمية اعتذارها عما حدث وأكدت أن اللافتة لم تكن تقصد أي مغزى سياسي أو عنصري أو ديني. وأضافت: «نحن نعتذر بشدة إلى أي شخص شعر بالإهانة مما حدث»، وذلك قبل أن تختفي الصفحة من على «فيسبوك» في هذه الأثناء. وأخيراً قدم نادي مانشستر سيتي الإنكليزي شكوى رسمية للاتحاد الاوروبي (يويفا) قال فيها ان عدداً من لاعبيه تلقوا إساءات عنصرية من مجموعات من المشجعين خلال المباراة أمام بورتو البرتغالي. وأبلغ المهاجم الإيطالي ماريو بالوتيللي مسؤولي ناديه بأنه سمع تقليداً لأصوات القردة من بعض الجماهير، كما صرح لاعب خط الوسط يايا توريه لشبكة «سكاي سبورتس» بالقول: «سمعت شيئاً ما». وقال المدير الفني لفريق مانشستر سيتي الإيطالي روبرتو مانشيني عقب المباراة إنه لم يسمع تلك الأصوات ولكن النادي تقدم بشكوى رسمية بناء على شهادة بالوتيللي وتوريه. وانطلقت شرارة العنصرية في الملاعب الأوروبية ضد اللاعبين الأفارقة أصحاب البشرة السمراء، إلا أن الاتحاد الدولي تصدى لهذه السلوكيات المرفوضة بقوانين شديدة تصل إلى تعليق العضوية بالاتحاد الدولي وسار على دربه الاتحاد الأوروبي حينما قرر اتخاذ خطوة عملية على طريق مواجهة العنصرية في الملاعب، إذ أعلن أن الحكام سيوقفون جميع المباريات التي يوجه فيها المشجعون إهانات عنصرية للاعبين، وبحسب تصريح منسوب للمستشار الخاص لرئيس الاتحاد الأوروبي وليام جيلارد: «شددنا الإجراءات وعدم التساهل على الإطلاق مع أية هتافات عنصرية للمشجعين». وأضاف: «تحدثنا إلى الحكام ونحظى بدعم الاتحادات الأهلية، واتحادات الأندية واللاعبين لاتخاذ هذا الإجراء». ولكن ذلك لم يوقف حوادث عنصرية يندى لها جبين كرة القدم، إذ غرم الاتحاد الإسباني نادي ريال سرقسطة بداعي الهتافات العنصرية التي أطلقتها جماهيره ضد مهاجم المنتخب الكاميروني وبرشلونة السابق صامويل أيتو، وفعل الاتحاد الانكليزي الشيء ذاته ضد جماهير نادي نيوكاسل التي رددت هتافات عنصرية ضد مهاجم ميلدلسبرة السابق أحمد حسام (ميدو) ونسبت الهتافات لجماعات مروجة ل(الإسلام فوبيا) في انكلترا ضمن جمهور نيوكاسل وهتفت ضد ميدو وتكرر الأمر في مباراتين، وطالبت الهتافات اللاعب بأن يرحل هو والمسلمون من أوروبا وأساءت له على أساس ديني وعرقي. وسجل التاريخ اتهام لاعب برشلونة السابق سيرجيو بوسكتش بأنه تلفظ بكلمة «قرد» تجاه مارسيلو مستهزئاً ببشرته السمراء، هذا الاتهام كان في موسم 2010-2011. كما تم تجريد قلب دفاع منتخب انكلترا جون تيري من شارة قيادة منتخب بلاده بسبب اتهامات له بالألفاظ العنصرية تجاه لاعب كوينز بارك رينجرز أنتون فيرديناند0 واعترف المدرب الفرنسي لوران بلان بأن ضغوطاً مورست عليه من الاتحاد الفرنسي بأن تكون هناك حصص بين اللاعبين في المنتخب بحسب لونهم وأصولهم متناسياً دور هؤلاء اللاعبين في إحراز كأس العالم لفرنسا 1998 وكأس أمم أوروبا 2000، وهذا الأمر جاء ليبرر ما حدث في مونديال 2010 إذ استبعد كل اللاعبين ذوي الأصول العربية والأمازيغية. وقبل أن يرحل ماريو بالوتيلي عن انتر ميلان كان يذهب إلى الجحيم كلما زار ملعب الأولمبيكو إذ كان يلعب ليوفنتوس في الماضي، وتعرض بالوتيلي لصرخات تقلد صوت القرود كلما لمس الكرة ما جعل الاتحاد الإيطالي يوجه إنذاراً رسمياً لليوفنتوس. وقال الإداري الكبير في أياكس أمستردام وأسطورة الكرة الهولندية كرويف لديفيدز عام 2011: «أنت معنا في الإدارة لأن لونك أسود فقط»، هذا التصريح جاء تلفزيونياً وأجبرت ضغوط الإعلام كرويف على الاعتذار والتبرير. أما زورو الذي كان يلعب لفريق ميسينا عام 2005 ضد إننر ميلان بالدوري الإيطالي، وبسبب ضغوط الجمهور ومواصلة صرخات القرود قرر الانسحاب من الملعب لكن لاعب الإنتر الأسمر إدريانو استمر يرجوه حتى عاد بعد دقائق من توقيف اللقاء، هذه الحادثة كانت المفصلية التي جعلت الاتحاد الأوروبي يصبح حازماً جداً في قضية العنصرية لما ظهر على وجه زورو التأثر نفسياً. وأظهر مقطع فيديو مدرب منتخب اسبانيا السابق عام 2004 أرغوانيس وهو يقول للاعب فريقه أنتونيو رييس: «ابذل مزيداً من الجهد وأثبت أنك أفضل من ذلك القذر الأسود تيري هنري». وتزايدت العنصرية في روسيا عندما قام أحد مشجعي زينيت بطرسبرغ بإلقاء موزة بالقرب من روبرتو كارلوس مشبهاً إياه بالقرد، كما تكرر الأمر مرة أخرى من جمهور كريليا سوفيتوف.