يعرف الأردن خلال السنوات الأخيرة نشاطاً سينمائياً لافتاً، حتى وان كان من الصعب القول انه نشاط إنتاجي- إبداعي... هو نشاط متنوع يكاد قطبه الأساس ان يكون «إعارة تضاريس الأردن وجغرافيته الى منتجين ومخرجين اجانب يصورون هنا افلامهم»... وهو كذلك جملة نشاطات سينمائية تثقيفية وما الى ذلك. أما الحلم القديم الذي داعب كثراً من محبي السينما في الأردن منذ ثلث قرن واكثر، وتحديداً منذ صوّر دايفيد لين هناك فيلمه الكبير «لورنس العرب»... فلا يزال حلماً يداعب كثراً. غير ان هذا لا يمنع من القول ان السنوات الأخيرة شهدت بدايات تحقق لهذا الحلم ولو عبر خطوات خجولة. وهذه الخطوات هي التي يرصدها الناقد الأردني ناجح حسن في كتابه الصادر حديثاً «عتبات البهجة» (منشورات «فضاءات»- نحو 400 صفحة من القطع المتوسط). ولئن كان ناجح حسن قد اعطى كتابه عنواناً فرعياً هو «قراءات في افلام اردنية» فإنه كان الأجدر به ان يضيف ال التعريف هنا لأن الكتاب عبارة عن قراءة في الأفلام الأردنية... بل انه اكثر من هذا، اول محاولة اردنية جادة ومفصّلة لرصد واقع وبعض تاريخ الفن السابع في هذا البلد. فالمؤلف حتى وان كان أفرد أكثر صفحات كتابه للحديث عما انتج في بلاده خلال السنوات الأخيرة، فإنه في الوقت نفسه استعاد في فصول اولى ومقدمات مفيدة على اختصارها بعض تواريخ النشاط السينمائي في سرد يمزج بين الحوارات والتحقيقات والوقفات النقدية والإستعادية... وعلى رغم هذه الوقفات قد يكون من الصعب القول ان همّ الماضي هو الهم الطاغي على صاحب الكتاب. همه هنا هو الحاضر والمستقبل. وهو تلك الحركة التي تزداد حضوراً برعاية رسمية احياناً ومن خلال عدد يتضاعف من مهتمين ومبدعين يحضرون في هذا الكتاب محاورين راصدين بدورهم، آملين معاً ان تكون خطوات اليوم بداية لما يتمنون ان يعيشه الأردن من ازدهار سينمائي. بهذا الذي يتضمنه كتاب ناجح حسن «عتبات البهجة» يشكل المجموع ملفاً ضخماً يمكن لمؤرخي المستقبل ان يستعينوا به من أجل توثيق لتاريخ فن من المنطقي القول اليوم انه بدوره لم يصبح بعد جزءاً من تاريخ هذا البلد وحين سيصبح جزءاً ويصير موضوعاً حقيقياً لتاريخ تحليلي مفصل، سيكون هذا الكتاب حاضراً بالتأكيد لرفد دارسي المستقبل بصور آتية من حاضرنا هذا.