صدّق زوار موقع «تويتر» أن ما يكتبونه «تغريدٌ» انسجاماً مع اسم اصطنعه للتسويق، والواقع أنني لم أستطعْ حتى الآن استيعاب هذا التصنيف، فالتغريد له حباله الصوتية التي منحها الخالق - عزّ وجل - لصنف محدد، في مملكة الطيور التي ينتمي إليها كل مغرد. هذا النوع المميز لا يشكِّل سوى جزء يسير من تلك المملكة العظيمة، حتى لو قيل إن التغريد هنا مجازيٌّ، وإنه أيضاً التطريب، فالمغرد يطرب لصوته قبل إعجاب غيره به، لذلك يستمر في رفع الصوت! مع كل هذا لم أستطع «التطبيع» مع «تغريدة»، ولا سيما مع علمي بأن في مملكة الطيور - المشهورة بالمغردين - غرباناً وعقباناً وبوماً، وحتى وطاويط. و«تويتر» مميز عن غيره من المواقع ، فإذا كان «فايسبوك» يفتح الخريطة الاجتماعية للمشارك، فإن «تويتر» لا يأتي ب «غريف» مصاحبه فقط، بل يدفع المستجدين على الكتابة إلى محاولة الإتيان بالعجيب، وربما النشاز تلمُّساً للصدى. هنا ينفتح المجال لكل الاحتمالات. الإجبار على الإيجاز في «تويتر» اضطر من تعوّد الإنشاء والإطالة للاستعانة بصديق، فكان التقسيط هو الحل، لكنه مع إمكان التجزئة يجبر المدون فيه على وضع أهم ما لديه في البداية - على غير العادة - وإلا سيختفي وسط الازدحام. صحيح أنه مجال فسيح للكتابة والتعليقات، سواء كنت تضع اسمك الصريح أم تختبئ وراء لطمة أو نقاب، فما تكتبه يخبر عنك أمام نفسك أولاً، وكنتُ سأكتب عن «تويتر» في شكل مغاير، لكن أحد المشتركين فيه أخطأ في حق آخر ولم يستطع الاعتذار فبرّر ذلك بقوله إنها مجرد «تغرودة»! فهالني التبرير، كنا في «تغريدة» فأصبحنا في «تغرودة»؛ زيادة في الدلال، والأقرب للواقع أن كثيراً مما في «تويتر» ليس «تغريد» بل «تقريد» بنطق الإخوة على ضفاف الخليج، وكما نفهمها نحن... من «القرادة»، وهو مكان ممتاز ل «المنبشين»، وجماعة المنقول. إنه بحق وكالة يقولون «أو قالوا»، فلم يعد لا العام ولا الخاص في الداخل أو الخارج بحاجة إلى مسح آراء. طلة على «تويتر» تكفي، ومن فاته شيء سيجده معلباً للبيع من إدارته. في مجتمعنا انعكست الحالة مرورية على «التويترية»، في الشارع لا بد من فطنة وقدرة على تفسير نوايا السائق الآخر قبل انطلاقه، وفي «تويتر» برز مفسرو النوايا، مهنة جديدة مثل مفسري الأحلام. في جانب آخر أعطى «تويتر» بعدد المتابعين «وهْماً» للبعض بالقوة وامتلاك الجماهير، الوهم نفسه الذي يداخل الممسك بالمايكرفون، وهو يقول: أيها الشعب العظيم. www.asuwayed.com