لن نشبه يوماً إلا أنفسنا، لأننا امتداد لطفولتنا، لذا تفشل كل محاولتنا بالهرب منا، فيتحول الباحث عن شخصية مصطنعة إلا مسخ لا يعرف أصلاً، قال لي صديق مرة واصفاً زي عضو لجنة تحكيم برنامج «آراب آيدول» الإماراتية أحلام «كأنها تخاطب المتابعين بزيها قائلة إنني أرتدي الملايين»، لم أفهم العبارة، لأنني فاشل في تقويم الأزياء. وبعد اطلاعي على آراء مشاهدين أدركت مغزى صديقي، فالفنانة الإماراتية التي عانت أعواماً من صفة «مطربة حفلات الزواج» التي وصمها بها متابعون، حاولت دائماً إنكار تلك الصفة بكل الطرق، مرة بالزي الذي تجمع فيه كل ما لا يجتمع، مما غلا ثمنه، وأخرى بكلمات إنكليزية تنطق مغلوطة لتذهب في غير موضعها، وأحيان بتصنع لهجة لبنانية مستفزة، على رغم ذلك نجحت أحلام في الحضور من خلال أعمال غنائية عدة. حتى رأى أحدهم فيها صورة عضوة لجنة تحكيم لبرنامج «آراب أيدول» فحضرت كعادتها، إذ لا ترفض أية فرصة للظهور، ويبدو أنها أدركت ومنذ وقت باكر بأنها لا تلقى القبول الجماهيري، إذ إن مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي سارعوا بتبادل النكات اللي تصف خطاها إلى جوار زميليها في لجنة التحكيم راغب علامة وحسن الشافعي، وأخرى تصف هيئتها، كل ذلك جاء تعليقاً على مقطع ترويجي سبق انطلاق البرنامج، وما أن بدأ حتى تغير كل شيء، فالبرنامج الباحث عن صناعة فن عربي شبابي جديد تحول مسرحاً للسخرية من أحلام، فأصبحت كلماتها وآراؤها محل تندر وسخرية دائمة. خرجت الفنانة مرة طالبة من زملائها ترجمة كلامها للعربية، لأنها - وبحسب ما قدمت نفسها - لا تجد مرادفاً عربياً لجمل تستخدمها بالإنكليزية، حتى وإن خرجت تلك الجملة محرومة من أبسط قواعد اللغة، إلا أنها لم تتردد في القول ذات مرة «وش يقولون لها بالعربي» باحثة عن معنى كلمة فخورة «proud»، هذا المقطع وجد طريقه سريعاً على موقع «يوتيوب» هناك تفاعل معه المستخدمون بسخرية واضحة قبل أن تنتقل اللغة الساخرة إلى «تويتر»، حتى إن أحدهم كتب تعليقاً على المقطع قال في «تحمية الطيران كيف تنقال بالإنكليزي يا خريجة أكسفورد»، وكنت أعتقد بأن أحلام تجهل ردود الفعل تلك، حتى اطلعت يوماً على إحدى تغريداتها تؤكد من خلالها أنها تبحث عن الأجر من خلال كل النقد الذي تتعرض له، حتى هذا الرد وجد من السخرية ما يكفيه أو يزيد عليه. تعاطي أحلام مع المتسابقين لم يترك للمشاهدين فرصة للتعاطف معها، ولا سيما أن الفنان ليس أكثر من صورة يرسمها الجماهير عنه، الفنانة الإماراتية التي تصدرت هجماتها النارية على زميلاتها الفنانات عنوانين وسائل إعلامية مختلفة وجدت دائماً لغة ناعمة من جماهير تعشق ما تقدم، لكن ومن وجهة نظر شخصية على أقل تقدير أرى أن أحلام قضت في «آراب أيدول» على آخر ما تبقى من تلك الصورة، وفتحت النار على جماهيرها قبل أن تفتحها على المتسابقين في البرنامج. لكن حضور أحلام أياً كان لا يلغي قيمة محاولة «إم بي سي» خلق معادلة فنية مختلفة لإبراز أصوات شابة قد تجد في المستقبل القريب الأبواب مشرعةً لها للدخول في سباق المشهد الفني وتغيير المعادلة واحتلال مراكز متقدمة، ويبدو ذلك واضحاً في حضور المصرية كارمن سليمان على المسرح. Adel066@