اتجهت المعارضة الروسية إلى تصعيد تحركاتها في الشارع بعد انتخاب رئيس الوزراء فلاديمير بوتين لولاية رئاسية ثالثة. ودعت أنصارها إلى التظاهر مجدداً السبت، على رغم اعتقال أكثر من 500 منهم، أحدهم المدون أليكسي نافالين الناشط في محاربة الفساد، ورئيس الوزراء السابق بوريس نيمتسوف الذي يتزعم حزب «حرية الشعب» غير المرخص، خلال مسيرات ندّدت بانتخاب بوتين في موسكو وسان بطرسبورغ أول من أمس، قبل أن تطلقهم لاحقاً وتعلن إحالتهم على المحاكمة بتهمة انتهاك قانون التجمع. وفيما دعا خبراء الرئيس المنتخب إلى الاستجابة لمطالب الإصلاح الشامل سريعاً من أجل تجنب هزات سياسية، أقرّ بوتين بحصول «خروق» مطالباً بفتح تحقيق فيها «من أجل التخلص منها، وجعل كل شيء واضحاً للجميع». ولا شك في أن الاعتراف الدولي بتحقيق بوتين فوزاً «حاسماً» أوجد ارتياحاً في موسكو، بعدما توقع البعض مواجهة الرئيس المنتخب مرحلة من الضغوط الخارجية تتزامن مع تطورات الوضع داخل بلاده. وواجهت المعارضة هذا الاعتراف باتهام الشرطة باعتماد تكتيكات «أكثر عنفاً» مع أنصارها، وبينهم مجموعة حاولت تنظيم احتجاج في ميدان لوبيانكا المواجه لمقر جهاز الأمن الفيديرالي الذي خلف جهاز «كي جي بي» السوفياتي. وصرح المدون نافالين بعد إطلاقه بأن «الغالبية الصامتة بدأت تتململ من تجاهل مطالب الإصلاح والتلاعب بأصوات الناخبين»، ما دفع خبراء إلى التحذير من أن المماطلة في تلبية هذه المطالب «ستؤدي إلى عواقب سلبية». ولفت رئيس مجلس الاستراتجيات الوطنية يوسف ديسكين إلى أن وعود الإصلاح «تشكل مطلباً أساسياً أيضاً للغالبية التي رفعت شعار بوتين والاستقرار. وإذا لم تنفذ في أسرع وقت فسيطغى النشاط في الشارع». أما يلينا شيستوبال، الباحثة الاجتماعية في جامعة موسكو، فرأت أن «المزاج العام في الشارع ضاغط، ولا مفرّ من إصلاحات سياسية واقتصادية عاجلة». لكن مدير مركز التطوير الاستراتيجي سيرغي بيلانوفسكي أبدى تشاؤمه من خطط الإصلاح التي تضمنها البرنامج الانتخابي لبوتين، والذي رجح أن يواصل سياساته الداخلية ذاتها، مع استمرار المجتمع المدني في ممارسة ضغوط عليه». وحدّد نيكولاي بيتروف، الخبير في مكتب مركز «كارنيغي» في موسكو مسارين محتملين لبوتين الذي حصد أصوات ثلثي الناخبين، أولهما تنفيذ الزعيم الروسي إصلاحات سياسية واقتصادية جدية بالاعتماد على فوزه الصريح الذي سيزيل صورة تقديمه تنازلات لخصومه السياسيين و «هنا سيضطر إلى قبول عدد من المسائل بينها إطلاق الحريات وإطلاق معتقلين سياسيين والإفساح في المجال أمام نشاط حزبي معارض». أما المسار الثاني فسيستند، وفق الخبير، إلى شعور فريق بوتين بأن المهمة أنجزت والنظام مستقر لست سنوات، «ما يعني عدم الحاجة إلى تطوير جدي سيؤدي إلى موت بوتين سياسياً قبل انتهاء ولايته الأولى الجديدة».