اصمدي واصمتي، لكن لا تسخطي لئلا تخسري المعركة كلها. هكذا صرت أحدث نفسي وأنصحها: قوتك في هدوئك وضبط ردود أفعالك، في وضع أحلامك وطموحاتك ورغباتك لو جاز التعبير تحت السيطرة، خذي نفساً عميقاً وصلي لله. إن العالم ينهار. لا أحد مع أحد، غربة حقيقية، الجميع في حالة هروب من شيء ما، نعم هذه حالة هروب دائم، نهرب من شيء ما نجهله، لكن السؤال: هل هذا الذي نهرب إليه أهم ممن نهرب منه؟ تماماً مثلما يحصل اليوم في العالم العربي، أرادت الناس أن تهرب من ظلم ما فوقعت في الرعب وعدم الاستقرار والتشرد، حتى إن الطلائع التي طالبت بالتغيير، مسكينة هي لم يتم اختيارها لاحقاً لتتسلم الزمام ولا السلطة ولا أن يكون لها كلمة، حالها يشبه تماماً تلك التي أرادت الطلاق من قهر ما فوقعت في مشكلة أكبر هي وأولادها. إذن الموضوع محتاج دائماً إلى تدبير البدائل وجاهزيتها، وليس إلى أن يرمي الإنسان نفسه في المجهول، إن كان لشيء ما ومن خوف ما، فهو أن هذا العالم ينهار، وفي الانهيارات دوماً تخبط وعشوائية وفوضى، مثلما هو التفكير الجماعي الحاصل اليوم. نعم هناك فوضى فكرية عالمية تعرفها جيدا أنت عندما تهرب إلى تواصلك الاجتماعي على الإنترنت، فمثلا في التويتر أو الفيس بوك تجد أنك تقفز من فكرة إلى فكرة لا علاقة لهذه بتلك، هذا يدق على ناقوس وذلك ينقر على دف وثالث يصفر في ملعب وكل ذلك في الدقيقة ذاتها، ثم تنظر حولك فتجد أن كل من حولك بجسده فقط، لكنه ليس معك لا فكرياً ولا معنوياً ولا عاطفياً أيضاً، غائب كل واحد في الكمبيوتر خاصته أو البي بي حقه أو الوتس أب، أو أي هروب وأي ضياع وانقطاع وانفصال وتجزؤ، ويسمونه تواصلاً اجتماعياً وأسميه تفككاً اسرياً وانهياراً اجتماعياً، لأن هذا العالم ينهار، وخوفي دوماً أن يكون أحد ما، بلد ما، قوة ما، أياد خفية ما، خلف هذا الضياع كله. ستقول لي إني أعيد طرح المشكلة ذاتها، وكل مرة أطرح الشكوى ذاتها. نعم يا أخي طبعا طالماً أن هناك ألماً ما لم يشخص بعد ولم يعطني أحد منكم الدواء، ولذا علي كل مرة أن أطرح الموضوع نفسه وأعالج الأمور بطريقة مختلفة كي أستمر في العلاج والمداواة والانتباه، حتى لا نقع في الآلام، وهل نحتمل المزيد نحن؟ نعيد لمَ لا نعيد؟! نعطي طرحاً جديداً على رغم أن المشكلة واحدة، أليست قصص الهوى والحب والكراهية والغيرة والمؤامرة واحدة منذ أيام أبينا آدم؟ وما زلنا حتى اليوم نطرحها، إلا أننا طرحنا منها مواضيع الحب والمحبة معاً. ألم أقل لكم إن هذا العالم ينهار. فاهدئي يا نفسي واصمدي واصمتي إلا من صيحات الاستغاثة، صيحة استغاثة لا أعرف مدى جدواها، إلا أنها ستجدي مع أحد ما ما دامت أن النهايات مفتوحة على احتمالات كثيرة، ولا بد من كتابة السيناريو ووضع الحوار، لعلنا نكتب نهاية سعيدة في الواقع وليس على الإنترنت، لأن هذا العالم ينهار والشاطر هو من يعرف كيف يصمت ويصمد. [email protected]