تجاوز الاقتصاد السعودي الأزمة المالية العالمية التي ضربت عام 2008، وشهد نمواً بمعدلات سريعة بعد انخفاض نمو الناتج المحلي إلى أقل من واحد في المئة عام 2009، ويُعزى هذا الانتعاش إلى خطط الإنفاق الطموحة والمبادرات العامة المختلفة التي دعمتها الحكومة. وأشار تقرير ل «بيت الاستثمار العالمي» (جلوبل) إلى ان التزام الحكومة تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، التي تشمل نشر الإصلاحات الاقتصادية والمالية، أتى بنتائج إيجابية إذ ارتفع معدل الناتج المحلي الذي بلغ 3.3 في المئة بين عامي 2001 و2010، نحو 6.8 في المئة عام 2011، بعد ارتفاعه 3.8 في المئة عام 2010. وتوقع صندوق النقد الدولي أن يتباطأ معدل النمو لاحقاً، لكن في نطاق المستويات المرتفعة ليسجّل الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي نمواً نسبته 3.3 في المئة هذه السنة، ومتوسط نمو نسبته 4.4 في المئة حتى عام 2016. ولفت إلى أن متوسط أسعار النفط بلغ نحو 108 دولارات للبرميل العام الماضي، مقارنة بنحو 77 دولاراً عام 2010، وشهد ارتفاعاً نسبته 40 في المئة خلال عام 2011، ويعزى ذلك إلى تزايد الأخطار الجغرافية السياسية التي أعطت مؤشرات إيجابية للاقتصاد السعودي، الذي سجّل زيادة في متوسط الإنتاج النفطي بمقدار 9.3 مليون برميل يومياً العام الماضي، في مقابل 8.2 مليون عام 2010. وتوقع قسم «بحوث جلوبل» أن يراوح متوسط أسعار النفط عند المستويات المسجلة عام 2011، مع زيادة طفيفة في حجم الإنتاج، مفترضاً أن السعودية سترفع إنتاجها لتعويض النقص في الإمداد الناتج عن العقوبات المفروضة على إيران، كما لم يستبعد أن يراوح حجم الإنتاج بين 9.5 و9.6 مليون برميل يومياً هذه السنة، ما يُترجم زيادة في إيرادات المملكة. وأكد أن الناتج المحلي غير النفطي نما 14.2 في المائة العام الماضي، مقارنة ب9.1 في المئة العام السابق، متجاوزاً معدل النمو المسجل خلال السنوات الخمس الماضية والبالغ 7.7 في المئة. ونظراً إلى أن نمو الناتج المحلي الإجمالي للقطاع النفطي كان مرتفعاً بما نسبته 41 في المئة، إلا أن نسبة مساهمة الناتج المحلي للقطاع غير النفطي في إجمالي الناتج المحلي انخفضت من 49 في المئة عام 2010، و47 في المئة في السنوات الخمس الماضية، إلى 44 في المئة عام 2011. وأظهر أن تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر إلى السعودية استمر في الانخفاض منذ أن بلغ أعلى مستوياته عام 2008، وتراجع 21 في المئة عام 2010، كما يتوقع أن يسجل انخفاضاً آخر يراوح بين ثلاثة وعشرة في المئة عام 2011. إلا أن المملكة ما زالت تستأثر بأعلى معدل للتدفق الاستثماري الأجنبي بين دول الخليج، بنسبة تراوح بين 60 و70 في المئة من الإجمالي. واستمرت نسبة الاستثمار الأجنبي المباشر إلى الناتج المحلي الإجمالي بالانخفاض، بعدما سجلت ارتفاعاً نسبته 9.5 في المئة عام 2009، لتصل إلى 6.5 في المئة عام 2010، كما يتوقع أن تصل إلى ما بين 4.5 وخمسة في المئة عندما تعلن نتائج عام 2011. وأظهر تقرير «جلوبل» أن الناتج المحلي الإجمالي الاسمي ارتفع 29 في المئة عام 2011، نتيجة زيادة مساهمة قطاع التعدين والمحاجر، التي نمت 41 في المئة. وكان قطاع الصناعات التحويلية، الذي ارتفع 28 في المئة، ثاني أكبر القطاعات المساهمة في زيادة الناتج المحلي، إذ شكّل 10 في المئة من الزيادة في الناتج المحلي. وتلاه قطاع الخدمات الحكومية، الذي نما 15 في المئة، وساهم بثمانية في المئة في نمو الناتج المحلي. وسجل الناتج المحلي لقطاعات الزراعة والغابات، وخدمات المال والعقارات، والمرافق، التي نمت خمسة وسبعة وثمانية في المئة على التوالي، أبطأ معدلات النمو، ولم تحقق أي إضافة تُذكر إلى الناتج المحلي الإجمالي. وتراجعت نسبة مساهمة قطاع الخدمات المالية في الناتج المحلي من 11.5 في المئة عام 2001 إلى 7.9 في المئة عام 2010، كما انخفضت عن مستواها البالغ 9.1 في المئة خلال السنين العشر الماضية لتصل إلى 6.5 في المئة حالياً، وهي أدنى نسبة خلال العقد الماضي. وعزا التقرير الانخفاض التدريجي في نسبة مساهمة قطاع الخدمات المالية خلال العقد الماضي إلى النمو السريع الذي حققته العناصر الأخرى المكونة للناتج المحلي غير النفطي، إضافة إلى استمرار ارتفاع نسبة الناتج المحلي الإجمالي النفطي منذ العام 2001. وأشار التقرير إلى استمرار ارتفاع الإنفاق الاستهلاكي النهائي الحكومي والعام خلال عامي 2010 و2011، مسجّلاً زيادة بمعدلات سنوية بلغت خمسة وأربعة في المئة على التوالي. وعلى رغم ارتفاع نسبة مساهمة هذا القطاع في الناتج المحلي من سبعة في المئة عام 2010 إلى 11 في المئة العام الماضي، إلا أن وزنه انخفض من 22 في المئة إلى 20 في المئة.