تؤكد سويسرا مرة أخرى للجميع أنها مملكة المصارف الدولية. إذ مَن يعمل في مصارفها يحظى برواتب لا «يحلم» بها زملاؤه الأوروبيون، طالما كانت مهنة الموظف المصرفي السويسري وصورته جزءاً لا يتجزأ من تاريخ البلاد. لكن يبدو أن السرية المصرفية السويسرية، التي تشهد حرباً قانونية مباشرة بين حكومتي واشنطن وبرن، بدأت تلعب دوراً خفياً في زيادة رواتب الموظفين سنة بعد أخرى، نظراً إلى كمية المعلومات غير المتناهية، التي يجب أن ينسّقها هؤلاء الموظفون ويعالجونها بدقة، وراء الكواليس يومياً. ويبقى نمط حياة موظفي المصارف السويسرية مميزاً عن غيره، لأن كل واحد يملك منزلاً وسيارة ويتمكن من قضاء عطلتين سنوياً، في جنات سياحية يحسده كثر عليها. ولا شك في أن نقابات العمال السويسرية تهتم بتأمين «الدروع» الضرورية للدفاع عن حقوق الموظفين في القطاع المصرفي في شكل استثنائي تجعل سويسرا تحتل مراكز طليعية لناحية الدخل السنوي لموظفيها وحقوقهم. وقاد الخبراء المصرفيون السويسريون استفتاء، لا يشمل الطبقات الإدارية العالية والمستشارين المصرفيين، للمقارنة بين معاشات الموظفين المصرفيين في 73 دولة حول العالم. وشمل الاستفتاء الموظفين المصرفيين غير الحائزين شهادات جامعية، الذين يملكون خبرة تمتد عشر سنوات ويبلغ معدل أعمارهم 35 سنة. وأظهرت نتائج هذا الاستفتاء أن الدخل السنوي للموظفين المصرفيين في سويسرا، يرسو على 71700 يورو، قبل احتساب الضرائب أي 7170 فرنكاً سويسرياً في الشهر، و50400 يورو بعد احتسابها. دوام العمل أما دوام العمل فهو 40 ساعة أسبوعياً أي ثماني ساعات يومياً. وحلّ في المرتبة الثانية أوروبياً الدخل السنوي لموظفي المصارف الفرنسية، إذ يصل في باريس مثلاً إلى 65.300 يورو قبل احتساب الضرائب أي 5.440 يورو شهرياً، و44.800 يورو بعد احتساب الضرائب. فيما دوام العمل في فرنسا هو 35 ساعة أسبوعياً. وجاءت في المرتبة الثالثة ألمانيا حيث يصل دوام العمل الأسبوعي إلى 39 ساعة، ويتقاضى الموظفون المصرفيون سنوياً 52700 يورو قبل احتساب الضرائب أي حوالى 4400 يورو شهرياً، و31500 يورو بعد احتسابها. ووردت إيطاليا في المرتبة الرابعة، حيث يصل دوام العمل الأسبوعي إلى 38 ساعة، ويبلغ الدخل السنوي 30 ألف يورو أي 2500 يورو شهرياً قبل احتساب الضرائب، و20 ألفاً بعد احتسابها. ولاحظ الخبراء، تراجعاً في الدخل السنوي لموظفي المصارف في بعض الدول الأوروبية، في مقدمها إسبانيا وبريطانيا، إذ يبلغ في إسبانيا، حيث يحدد دوام العمل ب 40 ساعة أسبوعياً، 29 ألف يورو أي 2400 يورو شهرياً قبل احتساب الضرائب و23 ألفاً بعد احتسابها. في حين يبلغ الدخل السنوي لموظفي المصارف في بريطانيا، حيث يحدد دوام العمل ب 38 ساعة أسبوعياً، 27 ألف يورو أي 2250 يورو شهرياً قبل احتساب الضرائب، ونحو 21 ألفاً بعد احتسابها. ولو نظرنا إلى الدخل المصرفي الصافي السنوي خارج أوروبا، لوجدنا أنه يصل في دول مثل الفيليبين إلى 1700 يورو فقط، وإلى 3100 يورو في الهند. وعلى رغم القوة المالية لموظفي المصارف السويسرية، إلا أن التوغل الأميركي المتزايد في السرية المصرفية السويسرية يمكن أن يؤثر على نمط حياة كل موظف، يؤمن بفرص جني مئات آلاف الفرنكات السويسرية من طريق تقديم خدماته إلى المصارف المحلية.