لا تستغرب أن تجد نفسك يوماً ضيفاً على رواد «تويتر» والناس تتحدث عنك، وقد تشملك بالدعاء، وفي أوقات أخرى السعي لمساعدتك وفك كربة لك، ومرد ذلك لأنك تحدثت بعفوية وأنت راكب مع سائق أجرة في مدينة جدة. فعلى رغم الضجيج الذي يملأ «تويتر»، في نواحي ومجالات شتى، إلا أن هناك زوايا تستطيع من خلالها أن تتلمس المواهب والدور الإنساني، ناهيك عن ملاحظة ملامح الشخصية الاجتماعية بكل همومها البسيطة والعفوية. «تاكسي جداوي» من الشخصيات التي تلفت نظرك في تناولها موضعاً، قد لا يجد وسط كل ما يدور في هذه الشبكة الاجتماعية أي اهتمام، ألا وهي قضايا سائقي الأجرة، والمواقف التي تحدث معهم يومياً. يعرف نفسه بأنه «إنسان يلف شوارع جدة بحثاً عن الرزق ويشاهد ويتعلم الكثير مما يشاهد هنا». وله صديقة لا تفارقه ألا وهي «مرزوقة، سيارتي العزيزة». والتي يعزو إليها بعض الخير الذي يحصل عليه «ففي كل يوم يمر علي أتأكد بأن المهم في المال «بركته» وليس «كثرته» شكراً مرزوقة على تذكيري بهذا الشيء كل مرة». كما يقوم بنسج حوارات خيالية معها لا تخلو من الطرافة «اليوم يا «مرزوقة» ليس لك إلا بنزين «91» الأخضر هل تعرفينه؟ لا يوجد «95» ذو اللون الأحمر حتى لا يقول احد اننا مشاركون في فالنتاين، مما يعني نتهشتق». ويحب أن يذكر دائماً متابعيه، والذين وصل عددهم حوالى 6000 متابع، أنه يعمل في وظيفتين «وظيفة بالنهار، وبالمساء اشتغل بالتاكسي حتى انهي الدين الذي عليها ومن بعدها إن شاء الله سوف أعمل عملاً حراً. ويقوم في كل يوم بذكر يومياته مع زبائنه في أكثر من تغريدة، ويحاول في ختامها أن يقدم النصائح. اذ ذكر قصته مع السائقين الموقتين، محذراً من التعامل معهم؛ لأنهم يقومون بنقل أسرار البيوت. كما لا يكتفي بنقل يومياته، ولكنه يحرص على تلخيص خبراته ويطرحها كقضايا، حديثه عن «السعودة» اذ يقول عنها: «هي كلمة تعني توظيف السعوديين بالوظائف بدل الوافدين في الوظائف التي لا تحتاج إلى خبرات أو شهادات قد لا تتوافر لدى أبنائنا، وتم الآن وضع نظام «نطاقات» لتفعيلها، والموضوع جميل لو تم تطبيقه بشكل صحيح ولو كان هناك حس وطني من التجار وأصحاب الشركات للقيام بواجبهم اتجاه إخوانهم المواطنين ولكن كالعادة الأمور التي أشاهدها وأسمعها وأنا مع مرزوقة». وذكر أنه مصدوم بواقع السعودة «فتتم مخالفتها لكل الشعارات الجميلة والتصاريح الرنانة للمسؤولين، وفي ما يخص هذا الموضوع فأنا ليلة قمت ليلة البارحة باصطحاب وافدين وكانا يتحدثان أنهما يعملان في مجال الدواجن وأن أحدهما استقدم للعمل كمسؤول عن صوامع ومستودعات، وقام الآخر بتدريبه على العمل بحكم انه في هذا المجال من فترة طويلة علماً بأنه بمنصب أعلى لأنه يجيد الانكليزية ويتقاضى راتب 8000 ريال». ثم يتساءل: «ألا يوجد من أبناء البلد من يستطيعون القيام بهذا العمل حتى يتم استقدام غيرهم من الخارج؟». وخاطب وزارة العمل «إلى متى تعطي تأشيرات لعمالة نستطيع الاستغناء عنها وتعويضها بأبناء البلد للحد من البطالة». وقال تهكماً: «هل أجد تفسيراً لأني أنا ومرزوقة أصبحنا عاجزين عن تفسير ما يحدث».