عادت محاولات تهريب زيت الوقود، لتطل برأسها من جديد على ميناء الملك عبد العزيز في الدمام، بعد إحباط سلسلة من المحاولات، كان آخرها قبل نحو عامين. إذ أحبط رجال الجمارك في الميناء أخيراً محاولة إحدى المؤسسات التجارية، تهريب زيت وقود ممنوع تصديره إلى الخارج، لكون سعره «مدعوماً»، عبر ست حاويات، بحجم 20 قدماً، زاعمةً أنها «زيوت مُعاد تكريرها». وعلى رغم تحفظ جمارك ميناء الدمام، على ذكر وجهة الحاويات المُهربة، إلا أن معلومات حصلت عليها «الحياة» تشير إلى أنها الإمارات العربية المتحدة، وذلك للإفادة من فارق السعر بين السوق المحلي، الذي يُباع فيه الديزل «مدعوماً» من قبل الدولة، ونظيره الإماراتي، والذي يبلغ نحو أربعة أضعاف. وأوضح المدير العام لجمرك الميناء عثمان الرقيعي، في تصريح صحافي أمس، أن «ست حاويات قدمت إلى الميناء، مُصرح لها بالبيان الجمركي «زيوت مُعاد تكريرها»، مُصدرة إلى إحدى الدول، وأرفق معها شهادة منشأ للمنتجات الصناعية الوطنية، وفاتورة مبيعات مُدون فيها نوع السلعة»، مبيناً أنه عند معاينة الحاويات وتطبيق أرقامها «كشفت اللجنة المشكلة من الجمرك الخاصة بسحب العينات، عدم وجود أحرف للحاويات تدل على ملكية الخطوط الملاحية، ما أثار الشك لدى اللجنة في محتوى الخزانات». وأبان الرقيعي، أنه تم «إحالة الحاويات إلى نظام الفحص بالأشعة السينية، فتبين وجود تباين في مستوى السائل في الخزان». وأشار إلى أنهم طلبوا من ممثل المؤسسة الحضور، لمتابعة سحب العينات، إلا أنه لم يتجاوب، فتبين من خلال سحب العينات أن هناك تبايناً في مستوى السائل في الخزان، بعد تفريغ الجزء الأمامي. وتم التأكد من وجود فواصل وفتحات داخلية سرية، وأن الجزء الأمامي وضع للتمويه، وتقرر بعدها فتح الخزان، وسحب عينة من السائل للتحليل، فبينت النتائج أن المادة عبارة عن زيت وقود بنسبة مئة في المئة». ونوّه إلى «يقظة» رجال الجمارك السعودية في جمرك ميناء الملك عبد العزيز، وسعيهم «الحثيث» لمنع دخول الممنوعات، ومنع خروج البضائع والمواد المدعومة. إذ يعمد المهربون إلى اتباع «أساليب ملتوية» لتهريب المشتقات البترولية، للاستفادة من فروق السعر بين السوق المحلي والأسواق الأخرى. وكانت جمارك ميناء الدمام، أحبطت مطلع العام 2009، محاولة تهريب حمولة 40 حاوية، عبارة عن مشتقات بترولية، تحت مسميات مغايرة لما تحتويه هذه الحاويات، التي كانت تحوي مادة الديزل، بغرض تهريبها إلى خارج البلاد بطريقة غير مشروعة. وتم اكتشاف هذه الحاويات من خلال عمليات تفتيش، فيما كانت معدة للتصدير، إذ عمد المهربون إلى تعبئة الديزل في حاويات بلاستيكية كبيرة داخل حاويات التصدير، وتغليفها بعينات من مواد حاصلة على إذن للتصدير، للتمويه على مراقبي الجمارك، بحيث يؤدي سحب العينات المجازة لتمرير الشحنات، من دون اكتشاف المشتقات النفطية الذي يقضي القانون بمنع تصديرها. فيما سبق هذه العملية، عملية أخرى لتهريب 98 حاوية محملة أيضاً بمادة الديزل، عمد أصحابها لتضليل رجال الجمارك بمسمى «زيوت نباتية مستعملة». وأكدت إدارة الجمارك حينها أن محاولات تهريب وقود الديزل إلى خارج السعودية، قائمة منذ أكثر من سنتين، عبر المنافذ السعودية المختلفة، مؤكدة أن غالبية حاويات الديزل المهرب تتجه إلى دولة الإمارات، وذلك للاستفادة من الفرق بين سعر وقود الديزل في السعودية، الذي يقدر ب40 هللة للتر الواحد، وسعره في الإمارات، الذي يزيد على ريالين للكمية ذاتها. أما أخطر تداعيات محاولات تهريب الوقود من الميناء، فوقعت منتصف العام 2009، حين كشفت النتائج الأولية لحادثة حريق في مستودعات إحدى الشركات الملاحية في المنطقة المساندة للميناء، عن تخزين مواد «ممنوعة» تتضمن حاويات من الديزل، حاول مجموعة من التجار تهريبها عبر الميناء، على أنها «زيوت نباتية»، قبل أن تنجح جمارك الميناء في ضبطها، بعد اكتشاف تلاعب التجار وتغييرهم لمسمى مواد الحاويات الصادرة. واستدعت جمارك الميناء حينها، التجار المخالفين، وألزمتهم بدفع غرامات، ونقل الحاويات الممنوعة إلى مستودعات الشركة، باعتبارها وكيلاً للحاويات المملوكة للخط الملاحي الخارجي. بيد أن الشركة قامت بالتنسيق مع التجار، بهدف تفريغ الحاويات من الديزل، وتسليمه لهم، إذ تسبب خطأ في عملية التفريغ في اندلاع النيران، في أكثر من مئتي حاوية تم تخزينها في ساحة الشركة. واتهمت الشركة الملاحية، التجار الذين تم ضبطهم بعد محاولتهم التهريب ب «المماطلة»، ورفض استلام الديزل، الذي مضى عليه مدة طويلة، مخزناً في حاويات الشركة في الساحة التابعة لها، مبينة أن تصرف التجار أجبر الشركة على الاتفاق مع أحد المقاولين لتفريغ الديزل، حتى لا تتكبد خسائر أخرى، ما نتج عنه «خطأ عملي» تسبب في اندلاع الحريق.