باريس - رويترز، أ ف ب - وجه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي حملته الانتخابية باتجاه اليمين، متعهداً بخفض أعداد المهاجرين والمطالبة بوضع إشارة على اللحوم المذبوحة على الطريقة الإسلامية المعروفة بوصفها «حلال» لتمييزها، وذلك في محاولة لخطف ناخبين من حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف. وتعهد ساركوزي في كلمة أمام الآلاف من أنصاره خلال تجمع حاشد في مدينة بوردو غرب البلاد السبت، بالدفاع عن القيم العلمانية في فرنسا (حيث تعيش اكبر أقلية مسلمة في أوروبا) وبتوجيه رسالة قوية في شأن القانون والنظام، إذا فاز بولاية رئاسية جديدة مدتها خمس سنوات في الانتخابات التي ستجرى على جولتين في نيسان (أبريل) وأيار (مايو) المقبلين. وعلى رغم القفزة التي حققها ساركوزي في استطلاعات الرأي منذ إطلاق حملته الانتخابية الشهر الماضي، فإنه ما زال متأخراً عن منافسه الاشتراكي فرانسوا هولاند. وقال ساركوزي: «يجب أن نقلص عدد القادمين إلى بلادنا»، متعهداً بإنهاء الحق التلقائي للمهاجرين بالانضمام إلى عائلاتهم. وأضاف: «لستم محل ترحيب في فرنسا إذا كنتم ستأتون فحسب للحصول على الرعاية الاجتماعية. الكل يعتقد انه حان الوقت للجمهوريين ليقولوا ذلك». وزاد: «إن الذين يأتون بنية عدم احترام قوانينا وعاداتنا وعدم احترام ملكية الآخرين وعدم إرسال أطفالهم إلى المدارس وعدم بذل جهود للاندماج (في المجتمع الفرنسي) فإنهم ليسوا محل ترحيب على الأراضي الفرنسية». وفجرت مرشحة الجبهة الوطنية مارين لوبن التي تأتي في المركز الثالث في استطلاعات الرأي بنسبة 20 في المئة تقريباً، فضيحة الشهر الماضي بادعائها بأن كل اللحوم في باريس مذبوحة على الطريقة الإسلامية. ونفت الرابطة الرئيسية لصناعة اللحوم (انتربيف) هذه المزاعم. وبدا أن ساركوزي يحاول التودد إلى أنصار لوبن بترديد تصريحات لوزير داخليته المتشدد كلود غيان الذي أعلن رفضه «التعددية الثقافية» ودعا مطاعم المدارس إلى عدم تقديم اللحوم الحلال. وتمثل المواقف ضد الهجرة والأقلية المسلمة قضية انتخابية مهمة في فرنسا منذ فترة طويلة. وسبق أن اتهم ساركوزي بالتودد إلى اليمين المتطرف عندما فاز بالرئاسة عام 2007. وعلى رغم أن استطلاعات الرأي تشير إلى أن هولاند مرشح للفوز في جولة الإعادة في السادس من أيار ضد ساركوزي بأكثر من 12 في المئة من النقاط، فإن السؤال عن اتجاه أنصار لوبن في الجولة الثانية قد يصبح حاسماً إذا ضاقت تلك الفجوة. من جهة أخرى، رد الحزب الاشتراكي الفرنسي بحدة مساء السبت على معلومات نشرت في الصحف وتفيد بأن المستشارة الألمانية أنغيلا مركل وقادة أوروبيين آخرين تفاهموا على رفض استقبال فرنسوا هولاند المرشح الاشتراكي للانتخابات الرئاسية في فرنسا. وقال أحد الأمناء الوطنيين للحزب جان كريستوف كامباديليس في بيان إن «أنغيلا مركل تبالغ في اندفاعها!». وجاء رد فعل المسؤول الاشتراكي على معلومات نشرتها مجلة «در شبيغل» الألمانية وتفيد بأن مركل ونظراءها الإيطالي ماريو مونتي والإسباني ماريانو راخوي والبريطاني ديفيد كامرون تفاهموا على رفض استقبال هولاند. وكتب المسؤول الاشتراكي أن «هذه المقاطعة لا تنم عن ود وغير مقبولة وغير مجدية على الصعيد الانتخابي لأن عداء المستشارية لا يتمتع بفرص كبيرة لإحداث صدى إيجابي لدى مواطنينا». وتساءل كامباديليس: «لماذا هذه الحملة التي تشنها أنغيلا مركل؟ هل تخشى أن يؤثر انتخاب فرنسوا هولاند على هواجسها التقشفية؟ هل تخشى من أن تصبح فرنسا نقطة ارتكاز كل هؤلاء القادة الأوروبيين الذين يشعرون بالاستياء بصمت؟». وتابع إن «الهولنديين أنفسهم يجدون أن هذا التقشف من دون نمو لا يمكن تحمله في بلدهم». ورأى المسؤول الاشتراكي أن «إسبانيا المحافظة تغرق في الركود وفي كل مكان ترزح أوروبا تحت وطأة الانكماش المستمر»، مشيراً إلى أنه «ليست الاتفاقية الأوروبية هي ما سيسوي الأمور».