قدّر الرئيس التنفيذي للمنطقة العربية في مصرف «ستاندرد تشارترد» كريستوس بابادوبولوس، معدلات النمو في منطقة الخليج بنحو 6.67 في المئة هذه السنة، نتيجة ارتفاع أسعار النفط وزيادة إنتاجه لتعويض نقص البترول الليبي، وانتعاش القطاعات غير النفطية، فضلاً عن ظاهرة «النزوح إلى الأمان» إلى بعض دول المنطقة بعد التطورات المحيطة ب «الربيع العربي». وتوقع في حديث مع «الحياة»، أن «يحقق الناتج المحلي في المنطقة «نمواً أقل هذه السنة بمعدل 3.24 في المئة، ونحو 3.84 في المئة عام 2013، مدفوعاً بنمو قطاعات الاقتصاد الحقيقي، من سياحة وتجارة وخدمات ومشاريع بنية تحتية». تنوع افتصادي واعتبر أن المنطقة العربية هي من «المناطق الأكثر تنوعاً اقتصادياً، حيث تواجه دول مجلس التعاون الغنية بالنفط ديناميكيات اقتصادية تختلف عن تلك التي تواجهها دول المشرق العربي». وفي حين «تعد المنطقة العربية مفتوحة نسبياً، باعتمادها بدرجات متفاوتة على الاتجاهات الاقتصادية العالمية، تبقى عواملها المحلية الوحيدة الكفيلة بدفع عجلة أدائها الاقتصادي هذه السنة، في ضوء عدم الاستقرار السياسي». وقال بابادوبولوس، إن «بعض أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تتمتع بمكانة أقوى كثيراً اليوم، وينطبق ذلك تحديداً على اقتصادات دول مجلس التعاون المتوقع أن تظهر مرونة في الأداء، خصوصاً بعد تبدد مشكلة الأصول في هذه الدول وانتهاء زمن الائتمان غير المستدام». ورأى أن دول مجلس التعاون «تتمتع بحيز مالي يتيح لها تبني سياسات أكثر توسعاً، إذ سبق للسعودية ان وضعت سياسات توسع من المقرر اعتمادها هذه السنة، في حين يُرجح أن تشهد قطر ارتفاعاً في الإنفاق إلى جانب أبو ظبي». فيما اعتبر أن «القدرة المالية في كل من الأردن ومصر محدودة، وبالتالي ستصب الدولتان تركيزهما في شكل رئيس على ردم الفجوة في التمويل». وأشار إلى أن اقتصاد المملكة «ازدهر العام الماضي مع زيادة إنتاج الكربوهيدرات لتعويض النقص في إنتاج ليبيا، فضلاً عن الزيادة في الإنفاق الحكومي بعد إعلان حزمة الإنفاق الاجتماعي في الربع الأول من السنة». وتوقع أن «يتحرك النمو هذه السنة بوتيرة أقل تصل إلى 2.9 في المئة، في حين تبقى قوة تدفق الإنفاق الحكومي الحافز الرئيس وراء هذا النمو». أما الإمارات التي سجلت نمواً اقتصادياً قوياً العام الماضي، مستفيدة من تحسين الديناميكيات الداخلية ومن ظاهرة «النزوح إلى الأمان» بعد التطورات المحيطة ب «الربيع العربي»، ما عزز النمو إلى 3.8 في المئة. وتوقع أن يساهم انتعاش القطاعات غير النفطية في «دفع العجلة الاقتصادية هذه السنة، «لكن في شكل معتدل»، وأن ينمو الاقتصاد بنسبة 2.4 في المئة». واعتبر الرئيس التنفيذي لمصرف «ستاندرد تشارترد»، أن عام 2011 «شكّل نقطة تحول كبيرة بالنسبة إلى قطر»، إذ توقع أن «يبلغ نمو الناتج فيها 5.9 في المئة مقارنة ب 16.9 في المئة العام الماضي، في ظل توقعات بأن يلعب الاقتصاد الحقيقي للدولة هذه السنة دوراً أكثر أهمية من الغاز الذي اضطلع بدور مهم في نمو قطر في السنوات الماضية». ولم يستبعد أن «تزيد الاستثمارات في القطاعات غير النفطية مع ارتفاع وتيرة الاستعدادات لاستضافة بطولة كأس العالم عام 2022». النفط وعن أسعار النفط، رجح أن «تبقى مرتفعة هذه السنة، ما يبشر بالخير للموارد المالية الحكومية في الدول المصدرة للنفط، والتي من شأنها تعزيز القدرة على مواجهة المشاكل المالية الدورية». أما بالنسبة إلى الدول العربية غير المنتجة للنفط المعتمدة على التدفقات النقدية، رأى بابادوبولوس، أنها «ستواجه سنة أكثر تحدياً وصعوبة، إذ سيسجل الأردن ومصر نمواً اقتصادياً هشاً، وربما يجب عليهما استقطاب التدفقات الأجنبية لتعزيز احتياطاتهما وتمويل حساباتهما الجارية، وبالتالي التغلب على العجز المالي». ولفت إلى أن الأردن «يعتمد على استقطاب التدفقات من دول المجلس التعاون الخليجي، في حين لا يزال احتمال انضمامه إلى المجموعة قيد المناقشة، من دون التوصل إلى أي قرار نهائي حتى الآن». وفي مصر، أوضح أن معدلات النمو فيها «تعتمد أولاً على الاستقرار السياسي للتمكن من استعادة حياتها الاستثمارية والسياحية»، ملاحظاً أن «الجميع يترقب نتائج الانتخابات الرئاسية المقررة في حزيران (يونيو) المقبل». وفي لبنان، رجح بابادوبولوس أن «يقفز معدل الناتج المحلي هذه السنة إلى 3.75 في المئة من 1.5 في المئة»، مستبعداً احتمال حصول «مزيد من التدهور في المناخ السياسي». وتوقع «عودة مطردة إلى اتجاهات النمو المعتادة للناتج المحلي الحقيقي للبنان، معتمداً على متانة قطاع الخدمات وارتفاع معدلات الاستهلاك المحلي».